كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 4)

ورُدَّ بأنه لا يقال: (لو جاءني ديار أو من أحد) كما يقال: (ما جاءني ديار أو من أحد).
وإنما لم أُقيد به اعتناءً بلفظ إخراج، فإنَّ "إلا" الوصفية لا إخراج فيها بالوضع وإنْ كانت مُخرجة من حيث الوصفية؛ ولذلك لم يذكرها الإمام الرازي وأتباعه غير مَن ذكرنا. بل مِن الوصف ما لا إخراج به أصلًا كما لو كان للمدح أو الذم أو الترحم أو التوكيد.
وأيضًا فلا يُقصر هذا القيد على "إلا"، بل يجري فيما يكون وصفًا مما هو نحو "إلا" كَـ "غير" و "سوى"، فينبغي تأخير القيد عن قوله: (ونحوها)؛ لِيَعُم "إلا" وغيرها.
وأيضًا فينبغي أن يحترز عن "إلا" الواقعة عاطفة كما ذكره الأخفش والفراء وأبو عبيد، كقوله تعالى: {لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (١٠) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ} [النمل: ١٠ - ١١]، الآية، ومنه على رأْيٍ:
وكُلُّ أَخٍ مُفارِقُهُ أخوه ... لَعَمْرُ أبيكَ إلَاّ الفَرقدانِ
أي: والفرقدان.
والزائدة -كما قاله الأصمعي وابن جني- نحو: (حَرَاجِيجُ لَا تَنْفَكُّ إلَاّ مُنَاخَةً). إذ المعنى: لا تنفك مناخة.
وقولنا: (مما هو واجب الدخول) احتراز مِن نحو: (جاء رجال إلا زيدًا)؛ لاحتمال أن لا يريد المتكلم دخوله حتى يُخرجه.
أما إذا أفاد الاستثناء من النكرة كاستثناء جزء من مركب، فيجوز، نحو: اشتريت عبدًا إلا رُبعه، أو: دارًا إلا سَقْفها.
ومنه الاستثناء مِن العدد، نحو: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت: ١٤].
وكما أن الاستثناء مِن النكرة إذا لم يُفِد لا يكون متصلًا كذلك لا يكون منقطعًا؛ لأن

الصفحة 1515