كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 4)

فأدخل المنقطع بقوله: (أو تقديرًا)، نحو: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} [النساء: ١٥٧]. فالظن لم يدخل في العلم تحقيقًا لكنه في تقدير الداخل، إذ هو مستحضر بذكره. أي: ما لهم به من علم ولا غيره من الشعور إلا اتباع الظن.
ونحوه: ما في الدار أحد إلا حمارًا. فإن المعنى: ما فيها عاقل ولا شيء من متعلقاته إلا الحمار.
نعم، قد قسم النحاة الاستثناء المنقطع إلي:
- ما ليس للعامل عليه تسلط، فيجب نصبه باتفاق، نحو: (ما زاد المال إلا ما نقص)، و: (ما نفع زيد إلا ما ضر).
- وما للعامل عليه تسلط، فالحجازيون يوجبون نصبه، وتميم تُرجِّحه وتجيز البدل.
فمِن النَصب قراءة السبعة قوله تعالى: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} بالنصب.
ومن الاتباع قول الشاعر:
وبَلْدَةٍ ليس بها أَنِيسُ ... إلا اليَعافِيرُ وإلَاّ العِيسُ
أي: ورب بلدة ما فيها إلا اليعافير (وهي الظباء البيض) والعيس (أي: إبلنا التي نحن سائرون عليها).
وقيل: المراد بالعيس بقر الوحش، شبَّهها بالإبل، فاستثني من الأنيس ما ليس منه.
وعبَّر في "التسهيل" عن هذا القسم بما يصح إغناؤه عن المستثنى منه وما لا يصح. وهو معنى ما سبق.
ومن أمثلة ما لا يصح إغناؤه قوله تعالى: {لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ} [هود: ٤٣]؛ إذ لو قُدر "لا عاصم إلا المرحوم" لم يصح. وقيل في الآية أيضًا غير ذلك.

الصفحة 1518