وقيل: ما لم يأخذ في كلام آخَر.
وقيل: يشترط أن ينوي في الكلام أنه سيستثنى.
قال القاضي: إن صح النقل عن ابن عباس في جواز تأخيره فلعَل مراده أن يستثنى متصلًا بالكلام ثم يظهر ما نواه بعد ذلك، فإنه يُدين.
وقال بعضهم: يجوز في كلام الله تعالى. وحمل بعضهم خلاف ابن عباس على ذلك، أي: يجوز تراخيه في القرآن دُون غيره.
وضُعِّف هذا القول بأن كلام الله إنْ أُريد به القديم فلا يوصف لا بإخراج ولا بإدخال، وإنْ أُريدَ اللفظ المنزل ولو إلى اللوح المحفوظ كما قال المقْترح، فذلك إنما هو على أساليب كلام العرب، ما امتنع فيه يمتنع فيه، وما جاز فيه جاز فيه؛ لأن القرآن إنما نزل بلُغة العرب، فلا يكون مخالفًا لِلُغتهم.
وبالجملة فهذه الأقوال كلها ضعيفة، وما نُقل منها عن هذه الأئمة فيجب تأويله.
أما ضعفها فلأن أهل الأدب (أيْ: أهل العربية) متفقون على اشتراط الاتصال؛ ولهذا أَوَّلوا ما يُنقل عن ابن عباس وغيره من أهل الحجة في لسان العرب وبأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها، فليكفر عن يمينه، وليأت الذي هو خير" (¬١). ولم يقُل: (أو ليستثنِ).
وكذلك لَمَّا أرشد الله تعالى أيوب عليه السلام بقوله: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ
---------------
(¬١) سنن النسائي (٣٧٨١)، سنن ابن ماجه (٢١٠٨)، وغيرهما. قال الألباني: حسن صحيح. (صحيح النسائي ٣٧٩٠).
وفي صحيح مسلم (رقم: ١٦٥٠) بلفظ: (من حَلَفَ على يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا منها، فَلْيُكَفِّرْ عن يَمِينِهِ، وَلْيَفْعَلْ).