منا أن يستثني إلا بصلة اليمين" (¬١). وأخرج ذلك الطبراني في "معجمه" وقال: (تفرد به الوليد).
فيحصَّل من ذلك أن إطلاق النقل عن ابن عباس في هذه المسألة ليس بجيد؛ لأمرين:
أحدهما: أن ذلك في "إن شاء الله"، لا في مطلق الاستثناء؛ لأنه قاله في الآية. والمعنى: لا تقولن لشيء إنك فاعل جزمًا إلا أن تعلم مشيئة الله له، بل إذا قلت: "إن شاء الله"، لم تكن جازمًا، فلا تكون حينئذٍ آتيًا بالمنهي عنه. والخطاب له ولغيره من الأُمة.
وكذا قال ابن جرير: إنَّ ذلك إنْ صح عن ابن عباس فهو محمول على أن السُّنَّة أن يقول الحالف: "إن شاء الله" ولو بعد سَنة. أو كما قال؛ ليكون آتيًا بسُنَّة الاستثناء ولو كان بعد الحنث، لا أنه بذلك رافع للحنث ومُسقِط لكفارة.
وثانيهما: أنه جعل ذلك من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلا ينسب إليه أن يقول ذلك عمومًا في كل استثناء منه - صلى الله عليه وسلم - أو من غيره.
تنبيهات
الأول: وقع بحث في الفقه في الفصل بالكلام اليسير بين الاستثناء والمستثنى منه، كما بين الإيجاب والقبول في العقود، والمرجَّح منه الأقيس أنه لا يضر وإنْ وقع في كلام الرافعي والنووي من أصحابنا فيه اضطراب مُوضَّح في كتب الفقه.
الثاني: سبق أن الاستثناء مع كونه متصلًا لا بُدَّ أن يُنوى قبل تمام اللفظ بالمستثنى به. بل قيل: مِن أوله. ولكن ينبغي لمن جعل قوله: (عشرة إلا ثلاثة) مثلًا اسمًا مركبًا موضوعًا
---------------
(¬١) المعجم الأوسط (٧/ ٦٨، رقم: ٦٨٧٢).