كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 4)

للسبعة أنْ لا يشترط نية الاستثناء البتة.
وحينئذٍ فيقال: كيف يوافق إمام الحرمين القاضي على أنه اسم مركَّب للسبعة ويصرح في الفقهيات باشتراط النية في الاستثناء؟ إلا أنْ يُدَّعى أن هذا إنما هو في كيفية الدلالة مع وجود اعتبار ما يعتبر من نية واتصال وغير ذلك عند مَن يرى به. فهو أمر اعتباري بعد تكامل الشروط.
الثالث: من اللطائف ما [يُحكى] (¬١) أن الرشيد استدعى أبا يوسف القاضي، وقال له: كيف مذهب ابن عباس في الاستثناء؟ فقال له: يلحق عنده بالخطاب، ويُغَير حُكمه ولو بعد زمان. فقال: عزمت عليك أن تُفتي به، ولا تخالفه.
وكان أبو يوسف لطيفًا فيما يورده متأنيًا فيما يقوله، فقال: (رأْي ابن عباس يفسد عليك بيعتك؛ لأن مَن حلف لك وبايعك، يرجع إلى منزله فيستثني). فانتبه الرشيد، وقال: إياك أن تُعَرف الناس مذهبه في ذلك، فاكتمه.
الرابع: قد يُستشكَل ما لو قال له: (عليَّ أَلْف درهم إلا شيئًا). فإنه يستفسر ويقبل منه [المتراخي] (¬٢) بعد مُدة.
وجوابه أن الاستثناء لَمَّا كان إسقاطًا لبعض السابق اعتُبر فيه الاتصال ولا يضر منافاته؛ لأن الكلام بآخِره، فإذا تراخى، كان ابتداء إسقاط بَعد انبرام الأول، فلا يُسمع. بخلاف التفسير، فإنَّ الكلام قد انتظم بأصل الاستثناء، والمُجْمَل لا يُعْرف تفسيره إلا منه، فيُقبل منه التفسير ولو بَعد مُدة.
قال الروياني: ولهذا قال أصحابنا: لو فسر المجمل بتفسير غير مقبول وأراد أن يستأنف
---------------
(¬١) كذا في (ص)، لكن في (ق، س): حكي.
(¬٢) كذا في (ص، ق)، لكن في (س): التراخي.

الصفحة 1529