الثاني: المنع فيهما. ونقله الشيخ أبو حامد عن البصريين من النحاة.
وكذا حكاه عنهم أبو حيان في "الارتشاف"، وهو أحد قولَي القاضي أبي بكر، ونقله القاضي أبو الطيب والشيخ أبو إسحاق والمازري والآمدي عن الحنابلة.
نعم، الذي في "مختصر التقريب" للقاضي مقتضاه أنه لا يخالف إلا في الأكثر فقط، فإنه قال: (كنا على تجويز استثناء الأكثر دهرًا، والذي صح عندنا آنفًا منع ذلك) (¬١).
ولم يتعرض لاشتراط الأقلية، لكن في تقريره الأدلة ما يُشعِر بمنع المساوي أيضًا.
فإنْ صح النقلان عنه فيكون له قولان في المسألة، ونقل المازري والباجي عن القاضي قولًا ثالثًا بجواز استثناء الأكثر، فإنْ كان ما أشار إلى أنه رجع عنه، فلا ينبغي أن يُنسَب له.
الثالث: المنع في الأكثر فقط دُون المساوي. وهو أحد أقوال القاضي كما سبق. ونقله ابن السمعاني وغيره عن الأشعري، ونقله الإمام الرازي وأتباعه عن الحنابلة، ونقله ابن الحاجب عن بعضهم. وبه يحصل التوفيق بين النقلين عن الحنابلة.
نعم، سيأتي عنهم نقل آخَر غير هذين.
الرابع: أن استثناء الأكثر مستقبَح عند العرب، لا ممتنع في لغتهم كما هو المذهب الذي قبله. ونقله المازري عن الشافعي قولًا، وعن القاضي فيما كان يقوله أولًا، وعن ابن الماجشون والقاضي عبد الوهاب. ونقل المازري عن الشافعي قول المنع قولًا له آخر، ونقله أيضًا عن أحمد. قيل: ولا يُعرف ذلك للشافعي قولًا.
الخامس: يمتنع استثناء الأكثر إنْ كان المستثنى والمستثنى منه في أعداد صريحة، نحو: (عشرة إلا تسعة). فإنْ لم يكن كذلك نحو: (خذ ما في الكيس إلا الزيوف) وكانت الزيوف
---------------
(¬١) التقريب والإرشاد - الصغير (٣/ ١٤١)، التلخيص (٢/ ٧٥).