وفي الحديث الصحيح: "أَطَّتِ السَّمَاءُ، وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ؛ مَا فِيهَا قدر أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَفيه مَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا للهِ" (¬١). وقال الله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [المدثر: ٣١].
وكذا قوله تعالى فيما رواه مسلم وغيره من حديث أبي ذر: "يا عبادي، كلكم جائع إلا مَن أطعمتُه" (¬٢) الحديث، مع أن المطْعَمين أكثر.
يجاب عنه بأن الملائكة مِن جملة العباد، ولا يوصفون بجوع وإطعام.
ثانيهما: أن الاستثناء في: {إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} منقطع، بمعنى: "لكن"؛ بدليل الآية الأخرى: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} [إبراهيم: ٢٢].
وقال القاضي في "التقريب": (إن ما استدل به المجوِّزون مِن قول الشاعر:
رُدوا التي نقصَت تسعين من مائة ... ثم ابعثوا حَكمًا بالحق قوالا
رُدَّ بأن هذا ليس فيه استثناء، وإنما فيه نقصان الأكثر، وليس محل النزاع).
قال: (وكذا قوله تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (٢) نِصْفَهُ} [المزمل: ٢ - ٣] الآية - أنَّ ذلك ابتداء كلام، كأنه قال: "بل قُم نصفه أو زد عليه أو انقُص منه، فإنه أعظم لثوابك") (¬٣).
---------------
(¬١) مسند أحمد (٢١٥٥٥)، سنن الترمذي (رقم: ٢٣١٢)، سنن ابن ماجه (٤١٩٠)، وغيرها. قال الألباني في (صحيح سنن الترمذي: ٢٣١٢): (حسن دُون قوله: لوددت ... ). وقال في (السلسلة الضعيفة: ١٧٨٠): (ضعيف ... ، لكن جُل الحديث قد صح من طُرق أخرى).
(¬٢) صحيح مسلم (٢٥٧٧).
(¬٣) التقريب والإرشاد (٣/ ١٤٤).