كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 4)

وكذا: (لا أُجامِع في السَّنة إلا مَرة) معناه: لا أجامع زائدًا على المرة. وإذا مضت ولم يجامع، صدق ما حلف عليه، فليس ذلك منافيًا لقاعدتهم.
فإنْ قيل: تقرير المسألة على هذا الوجه يقتضي أن الحنفية يخالفون في الأمرين، لكن الإمام الرازي وطائفة إنما يحكون الخلاف عن الحنفية في أن الاستثناء من النفي إثبات أوْ لا، وأن الاتفاق على أن "الاستثناء مِن الإثبات نَفْي".
قيل: قد حكى الخلاف في الأمرين معًا القرافي، فقال: (إن الخلاف موجود عندهم) (¬١).
وكذا حكى عن بعضهم ذلك الصفي الهندي وغيره. ولا تَعارُض بين النقلين؛ فإنَّ:
- مَن حكى تعميم الخلاف، أراد ما قررناه من ثبوت الواسطة بين الحكمين وهو عدم الحكمين؛ بِناءً على أنَّ تَقابُلَ حُكم المستثنى والمستثنى منه تَقابُلُ نقيضين عندهم (حُكم، وعَدَم حُكم) وتقابُل ضدين عند الجمهور.
- ومَن حكى الاتفاق في صورة الاستثناء من الإثبات على أنه نَفْي، أراد الاتفاق على أصل النفي فيه، لا على أن النفي مستند للاستثناء كما قررناه. فلا يظهر حينئذٍ للخلاف معهم في الإثبات فائدة.
قلتُ: قد يقال: تظهر فائدته في تعارض مع ما قام عليه دليل شرعي، فإنه يُقدم ما قام الدليل عليه؛ لأن الاستناد للأصل لا يقاومه.
وتظهر أيضًا في أنه هل يقاس عليه؟ أو لا؟ فإن النفي إذا كان بالأصالة، لا يقاس عليه؛ لأن شرط الحكم في الأصل أن يكون بدليل.
وتظهر أيضًا في أنَّ رَفْعه بدليل هل يكون نسخًا؟ فإنْ كان باعتبار أنه نَفْي أصلي فلا
---------------
(¬١) نفائس الأصول (٢/ ٦٠٢).

الصفحة 1540