يكون رفْعه نسخًا؛ لِمَا سيأتي في أبواب هذه الأمور تقرير ذلك وإيضاحه.
تنبيهات
أحدها: ما قاله الحنفية موافق لقول نحاة الكوفة. وأبو حنيفة - رضي الله عنه - لما كان كوفيًّا كان مذهبه ذلك.
وما قاله الجمهور موافق لقول سيبويه والبصريين. والإمام الرازي وإنْ وافقهم في "المحصول" لكنه وافق الأوَّلِين في "المعالم" وفي "تفسيره" في سورة النساء.
الثاني: الاستثناء المتصل هو الذي تأتي فيه هذه المسألة والاختلاف فيها؛ لأن فيه إخراج.
أما المنقطع فالظاهر أن ما بعد "إلا" فيه محكوم عليه بضد الحكم السابق. فإنَّ مساقه هو الحكم بذلك. فنحو: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} [النساء: ١٥٧] المراد أن لهم اتباع ظن، لا عِلم وإنْ لم يكن الظن داخلًا في العلم، هذا إذا جُعل منقطعًا. وَقِسْ على ذلك.
لكن هل يجري ذلك في التام والمفرغ؟ أو لا يجري في المفرغ؟
قيل: الظاهر هو عدم إجراء الخلاف فيه، وأن الاستثناء فيه إثبات قطعًا؛ لأن قولك: (ما قام إلا زيد) ليس معك شيء ثبت له القيام فيكون فاعلًا إلا زيد، فيكون متعينًا للإثبات بالضرورة، بخلاف قولك: (ما قام أحد إلا [زيد]) (¬١).
نعم، حكى القرافي في "العقد المنظوم" عن الحنفية أنهم أجروا ذلك في التام والمفرغ، قال: (ويلزمهم أن يعربوا "زيد" في: "ما قام إلا زيد" بدلًا، لا فاعلًا، ويكون الفاعل
---------------
(¬١) في (ت): زيدا.