كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 4)

مضمرًا، أي: "ما قام أحد إلا زيد". لكن حَذف الفاعل ممتنع عند النحاة) (¬١).
قلت: لا بُدَّ في الاستثناء المفرغ مِن معنى محذوف يُستثنَى منه وإنْ لم يُقَدَّر لفظُه على المرجَّح، فالقول بجريان الخلاف فيه غير بعيد.
الثالث:
من أدلة الجمهور أنَّ "لا إله إلا الله" لو لم يكن المستثنى فيه مُثبتًا لم يكن كافيًا في الدخول في الإيمان، ولكنه كاف باتفاق. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله" (¬٢). فجعل ذلك غاية المقاتلة.
وقد أجابوا بأن الإثبات معلوم، وإنما الكفار يزعمون شِركة، فنُفيت الشركة بذلك. أو أنه وإنْ كان لا يفيد الإثبات بالوضع اللغوي لكن يفيده بالوضع الشرعي، فإنَّ المقصود نَفْي الشريك، وهو مُستلزِم للثبوت. فإذا قلتَ: (لا شريك لفلان في كرمه)، اقتضى أن يكون كريمًا.
وأيضًا فالقرائن تقتضي الإثبات؛ لأنَّ كل مُتلفِّظ بها ظاهرٌ قَصْده إثباته واحدًا، لا التعطيل.
ورُدَّ ذلك بأن الحكم قد عُلِّق بها بمجردها؛ فاقتضى ذلك أنها تدل بلفظها دُون "شيء زائد" الأصلُ عَدَمُه.
قال ابن دقيق العيد في "شرح الإلمام": وكل هذا عندي تشغيب ومراوغات جدلية، والشرع خاطب الناس بهذه الكلمة وأمرهم بها؛ لإثبات مقصود التوحيد، وحصل الفهم
---------------
(¬١) العقد المنظوم (٢/ ٢٢٦).
(¬٢) سبق تخريجه.

الصفحة 1542