لذلك منهم من غير احتياج لأمر زائد. ولو كان وضع اللفظ لا يقتضي ذلك لَكَان أهم المهمات أنْ يُعلمنا الشارع ما يقتضيه بالوضع مِن غير احتياج لأمر آخَر، فإنَّ ذلك المقصود الأعظم في الإسلام.
ومن أدلتهم أيضًا قوله تعالى: {فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا} [النبأ: ٣٠]. وهو ظاهر.
وأما أدلة الحنفية:
فمِن أعظمها أنه لو كان كذلك، لَلَزِمَ مِن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة إلا بطهور" (¬١) أن مَن تَطهر، يكون مصليًّا، أو تصح صلاته وإنْ فقد بقية الشروط.
وجوابه أن [الاستثناء] (¬٢) مطلق يَصْدُق بِصُورة ما لو توضأ وصلَّى؛ فيحصل الإثبات، لا أنه عام حتى يكون كل متطهر مصليًّا.
وأيضًا: فهو استثناء [شرط] (¬٣)، أي: لا صلاة إلا بشرط الطهارة. ومعلوم أن وجود الشرط لا يَلزم منه وجود المشروط.
وأيضًا: فالمقصود المبالغة في هذا الشرط دُون سائر الشروط؛ لأنه آكِد. فكأنه لا شرط غيره، لا أن المقصود نفي جميع الصفات.
وأيضًا: فقد يقال: الاستثناء فيه منقطع، وليس الكلام فيه. لكن ابن الحاجب قال: (إنه
---------------
(¬١) سنن ابن ماجه (رقم: ٢٧١) وغيره بلفظ: (لا يَقبل الله صلاة إلا بطهور). وفي: صحيح ابن خزيمة (٩)، صحيح ابن حبان (رقم: ٣٣٦٦) وغيرهما بلفظ: (لا تُقْبَلُ صَلاةٌ إِلا بِطَهُورٍ). قال الألباني: صحيح. (التعليقات الحسان: ٣٣٥٥).
(¬٢) كذا في (ت، ض، س). لكن في (ص، ق، ش): المستثنى.
(¬٣) في (ص): بشرط.