كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 4)

إلا ثنتين إلا واحدة): يحتمل أن يعود الثاني إلى المستثنى منه أولًا. أي: فتطلق واحدة؛ لأن الثاني إذا عاد للأول، صَيَّر الاستثناء مستغرقًا، فيبطله وحده؛ لأنه الذي به الاستغراق. ولكن المرجَّح خِلافه حتى تطلق ثنتين، لأن كل استثناء مما يليه. حتى قال في "الروضة": إنه الصواب.
فقول بعضهم: (إن قول الحناطي قوي؛ لأنَّ مقابِلَهُ ليس له مأخذ غير القُرْب، والقُرْب لا يقتضي تَعَيُّنًا، إنما يقتضي رجحانًا. كما قال البصريون في تنازع العاملين: إنَّ إعمال الثاني أَوْلى؛ لِقُربه. مع اتفاقهم مع الكوفيين على جواز الوجهين) بعيد؛ لأن الفصل في كثير من الأماكن يقتضي المنع، فَعَوْده لِمَا يَلِيه مع [القُرب] (¬١) سالِمٌ مِن الانفصال، فَتَعَيَّن القول به.
أما إذا كانت الاستثناءات متعاطفة نحو: (عشرة إلا أربعة وإلا ثلاثة وإلا اثنين)، فيرجع الكل للمستثنى منه أولًا؛ حملًا للكلام على الصحة ما أَمكن، فإنَّ عَوْد كلٍّ لِمَا يليه قد تَعذَّر بانفصاله بأداة العطف.
هذا إذا لم يلزم مِن عود الكل الاستغراق.
فإنْ كان يلزم منه استغراق، نحو: (له عليَّ عشرة إلا ستة وإلا خمسة)، ألغي ما يقع به الاستغراق، فيلزم أربعة. وكذا: (عشرة إلا خمسة وإلا ستة) يَلزم خمسة. و: (عشرة إلا خمسة وإلا خمسة) يَلزم: خمسة.
قال القاضي أبو الطيب: إذا كان المجموع مساويًا للأصل أو أزيد ببعضها أو بمجموعها فإنْ حصلت المساواة بالاستثناء الأول فلا شك في فساده. أو بالأول والثاني وكان الثاني مساويًا للأول فقد تَعذَّر رجوعه مع الأول إلى المستثنى، وتعذر رجوعه إلى الثاني؛ للعطف وللمساواة، فيفسد لا محالة.
---------------
(¬١) في (س، ت، ض): الفرق.

الصفحة 1548