وكأن مستنده في مذهبه أنه لا يستثنى من استثناء. وسيأتي الخلاف فيه، ولا يمكن أن يُعاد للأول؛ للفصل والبُعد، لكن قد قامت الحجة للجمهور في الأمرين كما سبق.
تنبيهات
أحدها: القول في إعراب الاستثناءات متقدمة ومتأخرة مع تفريغ وعدمه من وظيفة النحاة. والأصولي والفقيه إنما يبحثان في المعاني.
نعم، لم يتعرض ابن الحاجب في "مختصره" (¬١) لمسألة التعدد صريحًا، لكن في نَصْب أدلة القائلين بِعَوْد الاستثناء المتعقِّب للجُمَل إلى الأخيرة ذكر منها ما لو قال: (له عليَّ عشرة إلا أربعة إلا اثنين) فإنما يعود [الأخير إلى] (¬٢) الذي قبله، لا إلى الكل. ثم أجاب بما يقتضي تسليم القاعدة، وذكر بعد ذلك أيضًا في الأدلة ما يرشد إليها.
الثاني: هذه المسألة مفرَّعة على مسألة جواز الاستثناء من الاستثناء، وهو الصحيح. وبه قال سيبويه، وترجم عليها "باب تثنية المستثنى".
وحكى ابن العربي في "المحصول" عن بعضهم منعه (¬٣). وحكى مجلي في "الذخائر" في "باب الإقرار" أن بعض الفقهاء حكى المنع عن بعض أهل العربية؛ لأن العامل في الاستثناء الفعل الأول بتقوية حرف الاستثناء، والعامل الواحد لا يعمل في معمولين.
وكذا قال الروياني: إن مِن أهل اللغة مَن ينكر ذلك؛ لهذه العلة.
---------------
(¬١) مختصر المنتهى (٢/ ٢٨٢) مع شرحه.
(¬٢) كذا في (ص، ق، ش). لكن في (ض، س): الآخر إلى. وفي (ت): إلى الآخر.
(¬٣) المحصول (ص ٨٣).