وقولي في النَّظم: (وَوَارِدٌ مِنْ بَعْدِ سَبْقِ جُمَلِ) تمامه قولي بعده:
ص:
٦٣٣ - أَوْ مُفْرَدَاتٍ عُطِفَتْ بِالْوَاوِ ... وَلَمْ يَطُلْ فَصْلٌ مَعَ التَّسَاوِي
٦٣٤ - في نَفْيِ مَانِعٍ فَرَاجِعٌ إلَى ... جَمِيعِهَا، وَإنْ رَأَيْتَ جُمَلَا
الشرح:
والإشارة بذلك من قولي: (وَوَارِدٌ) إلى قولي: (جَمِيعِهَا) إلى مسألة الاستثناء المتعقب لمتعدد من جمل أو مفردات هل يعود للكل؟ أو للأخير؟
وهي عكس المسألة التي قبلها، فإنَّ تلك في تعدُّد الاستثناء، وهذه في تعدُّد ما يمكن عَوْد الاستثناء إليه، وربما كانا متعددين. ويُعلم حُكمه مِن حُكم كُلٍّ من الأمرين.
والحاصل: أن الاستثناء إذا تعقب مذكورات متعاطفة بالواو، فإنْ لم يمكن عَوْدُه إلى كُلٍّ منها لدليل اقتضى عَوْدَه للأول فقط أو للأخير فقط أو كان عائدًا إلى كل منها بالدليل، فلا خلاف في العود إلى ما قام له الدليل.
وإنْ أَمكن بأنْ تَجرد عن قرينة شيء مِن ذلك، فهو محل الخلاف الآتي بيانه.
فمثال ما دل على عوده للأول دليل فيعود إليه قطعًا: قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ} [البقرة: ٢٤٩] الآية، فاستثناء {مَنِ اغْتَرَفَ} إنما يعود إلى {فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ}، لا إلى {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ}.
وقوله تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} [الأحزاب: ٥٢] الآية، فاستثناء {مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ} [الأحزاب: ٥٢] يعود إلى لفظ "النساء"، لا إلى الأزواج؛ لأن زوجته لا تكون مِلك يمينه.