كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 4)

وكذا قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣] الآية، فـ {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} عائد للكل.
وكذا قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: ٦٨] الآية، فَـ {إِلَّا مَنْ تَابَ} عائد للجميع. قال السهيلي: بلا خلاف.
أما ما تَجرد عن القرائن وأَمكَن عَودُه للأخير ولغيره ففيه مذاهب، أصولها ثلاثة: العَوْد للجميع، أو للأخير فقط، أو الوقف. وما سوى ذلك من الأقوال فإنما هو في إثبات قرينة صارفة أو نفيها كما سيتضح ذلك في محله.
فالمذهب الأول: وهو العود إلى الجميع. به قال الشافعي كما حكاه الماوردي والروياني، ونقله البيهقي في "سُننه" في "باب شهادة القاذف" عن نَصه، فقال: (قال الشافعي: والاستثناء في سياق الكلام على أول الكلام وآخِره في جميع ما يذهب إليه أهل العلم، لا يُفرق بين ذلك أحد) (¬١). انتهى
وكذا نقله غيره عن نَص "الأُم"، إذْ قال في "باب الخلاف في إجازة شهادة القاذف" في المناظرة بينه وبين مَن يمنع شهادة القاذف إذا تاب مع انتفاء اسم الفسق عنه استنادًا إلى عَوْد الاستثناء للأخير فقط:
(فقلتُ لقائل هذا: أرأيت رجلًا لو قال: "والله لا أكلمك أبدًا، ولا أدخل لك بيتًا، ولا آكل لك طعامًا، ولا أخرج معك سفرًا أبدًا، وإنك لغير حميد عندي، ولا أكسوك ثوبًا إن شاء الله" أيكون الاستثناء واقعًا على ما بَعد قوله: "أبدًا"؟ أو على ما بعد: "غير حميد عندي"؟ أَم على الكلام كله؟
قال: بل على الكلام كله.
---------------
(¬١) السنن الكبرى للبيهقي (١٠/ ١٥٢).

الصفحة 1554