كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 4)

بأنه لا فرق، ودليل على أن مَن عبر به إنما هو باعتبار الغالب؛ فإن العَوْد إلى جميع المفردات أَوْلى مِن الجُمَل، بل في كلام ابن الحاجب وغيره ما يؤخَذ منه الاتفاق في المفردات.
وقد مثَّل الرافعي وغيره المسألة في الوقف بِـ (وقفتُ على أولادي وأحفادي وإخوتي المحتاجين إلا أن يفسق بعضهم) وهي مفردات، إلا أن يقال: العامل في كُلٍّ فِعل آخر، [فتصير] (¬١) جُملًا. لكنه ضعيف في العربية.
ومثَّله الإمام في "البرهان" بصريح الجُمل، فقال: (كَـ: وقفتُ على بني فلان داري، وحبستُ على أقاربي ضيعتي، وسبلت على خَدَمي بيتي، إلا أن يفسق واحد منهم) (¬٢).
ولهذا عبرّتُ في صدر المسالة بأنه إذا تعقب مذكورات كما صرحت بالأمرين في النَّظم.
نعم، يبقى النظر فيما يسمى جملة، والمشهور أنها الاسمية من مبتدأ وخبر، والفِعلية من فعل وفاعل.
وقال ابن تيمية: المراد بها هنا اللفظ الذي فيه شمول ويصح إخراج بعضه.
ولهذا مثَّلوا بالأعداد، وكذا آية: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: ٣٣]، فهي مفردات مُؤَوَّلة مِن "أنْ" والفعل، عقبها قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا}.
وحاصله يرجع إلى أن مَن عَبَّر بالجمل فإنما أراد الأَعَم بالتقرير الذي ذكره، وهو حَسَن.
ومنها:
أن يكون المذكورات قبل الاستثناء متعاطفة كما صرح به القاضي في "التقريب" والقاضي أبو الطيب والشيخ أبو إسحاق وابن السمعاني وابن القشيري، والسهيلي أبو عبد
---------------
(¬١) كذا في (ص، ق). وفي سائر النسخ: فيعتبر.
(¬٢) البرهان (١/ ٢٦٦).

الصفحة 1557