واعلم أني قيدتُ في النَّظم: (بِالْوَاوِ) جريًا على ما قاله إمام الحرمين وَمن تبعه؛ لظهور حُكم [المسألة] (¬١) فيها، أو لأن ما في معناها كالفرع عنها، فاقتصرتُ عليها، لا لقصد التقييد بها.
أما ما لم يكن في معنى الواو في الجمع (كَـ "لكن" و"بل" و"أو" و"لا" و"إما") فلا يتأتى فيها ذلك فيما ذكره بعضهم.
وقال القرافي: (لا يتأتى ذلك في "أو"، و"أَم"، و"إما"؛ لأنها لأحد الشيئين لا بِعَيْنه. وأما "بل" و"لا" و"لكن" فيحتمل أنها كالواو، فإنَّ في كل مِن المعطوف بها حُكمًا وإنِ اختلف بالنفي والإثبات، ويحتمل المنع؛ لاختلاف الحكم وهي لأحد الشيئين بعينه، بخلاف "أو" و"أَم" و"إمَّا") (¬٢).
وسبق أن عبارة القاضي فيها إطلاق أي حرف كان من حروف العطف، ولكن ينبغي أن يُحمل على ما في معنى الواو.
نعم، يشكل على هذا التفصيل أن الماوردي وغيره مَثَّلوا المسألة بآية المحاربة مع أن العطف فيها بِـ "أو".
وحكى الرافعي الخلاف في "بل" قبيل الطلاق بالحساب، فقال: (لو قال: "أنت طالق واحدةً بل ثلاثًا إنْ دخلتِ الدار" فوجهان، أصحهما -وبه قال ابن الحداد- تقع واحدة بقوله: "أنت طالق" وثنتان بدخول الدار، ردَّا للشرط إلى ما يليه خاصة. والثاني: يرجع الشرط إليهما جميعًا إلا أن يقول: أردتُّ تخصيص الشرط بقولي: "بل ثلاثًا") (¬٣).
---------------
(¬١) في (ص، ق، ش): العلة.
(¬٢) شرح تنقيح الفصول (ص ٢٥٣).
(¬٣) العزيز شرح الوجيز (٩/ ١٦).