الجبار أنَّ الجُمَل إنْ سِيقت لمقصود واحد، عاد للكل، أو لأغراض مختلفة، اختص بالأخيرة.
الخامس: إنْ ظهر أنَّ الواو الواقعة بين الجملتين فأكثر للابتداء، نحو: (أكرم بني تميم والنحاة البصريين إلا البغاددة)، اختص بالأخيرة. وإنْ تَردد بين العطف والابتداء، فالوقف.
السادس: إنْ كانت الجملة الثانية إعراضًا وإضرابًا عن الأُولى، اختص بالأخيرة، وإلا انصرف للجميع. حكاه ابن برهان عن أبي الحسين البصري، لكن الذي في "المعتمد" حكايته عن عبد الجبار وأقرَّه.
نعم، قال ابن برهان: إن ما قاله أبو الحسين هو المعتمد، وإنه مذهب الشافعي، وإنه لم ينقل عن الشافعي في ذلك نَص بخصوصه، بل أُخذ من مسألة المحدود بالقذف.
ونحن نُبيِّن أنَّ الشافعي إنما صار إلى ذلك؛ لأن ذِكر الجمل هناك لم يكن إضرابًا عن المتقدم، إنما مساق الآيات لغرض واحد وهو الجرأة على تلك الجريمة.
واختار هذا أيضًا ابن السمعاني في "القواطع".
الساب: ما حكاه في "المحصول" عن أبي الحسين: إنْ كان بينهما تَعلُّق، عاد للجميع، وإلا اختص بالأخيرة. وقال: (إنه التحقيق).
وحُكيت أقوال أخرى غير ذلك، والمدار في ذلك كله ما ذكرنا من أنَّ في الكلام قرينة صارفة أوْ لا. فكل مَن تخيل قرينة، أَدَار عليها الحكم.
فائدة:
كان القاضي جلال الدين القزويني يقول: إنَّ عَوْد الاستثناء للجميع يَلزم منه تَوارُد عوامل على معمول واحد.