وجوابه أن مَن يجعل العامل "إلا" كابن مالك، لا يَلزمه ذلك. ومَن لا يقول بذلك، قد يقول: حذف مِن المتقدم؛ لدلالة المتأخر. على أنَّ ابن مالك وغيره جوَّزوا ذلك في نحو: (جاء زيد وأتى عمرو العاقلان).
وقيل: يجب القطع. والله أعلم.
قولي: (وَإنْ رَأَيْتَ جُمَلَا) تتمته قولي بعده:
ص:
٦٣٥ - أَوْ جُمْلَتَيْنِ بِاقْتِرَانِ أَمْرِ ... فَالِاسْتِوَا في الْحُكْمِ لَيْسَ يَجْرِي
الشرح:
وهو إشارة إلى المسألة المشهورة بأن دلالة الاقتران حُجة؟ أو لا؟
ولها مناسبة بالمسألة السابقة؛ لأن الاستثناء إذا أُعيد للجميع، وجب الاقتران في الاستثناء.
وحاصل هذه المسألة: أن القِران بين أمرين في اللفظ في حُكم هل يقتضي التسوية بينهما في غيره من الأحكام؟ أو لا؟
الجمهور على المنع، فيعطف واجب على مندوب، كقوله تعالى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١].
وقال المزني وأبو يوسف من الحنفية: يقتضي التسوية؛ لأن العطف يقتضي المشاركة، نحو: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣]؛ فلذلك لا تجب الزكاة في مال الصبي؛ لأنه لو أريد دخوله في الزكاة لكان فيه عطف واجب على مندوب؛ لأن الصلاة عليه مندوبة اتفاقًا.