وهو: تعليق أمر على أمر بِـ "إنْ" أو إحدى أخواتها التي سبق ذِكرها في صِيَغ العموم وبيان معانيها في شرطيتها، نحو: إنْ دخلت الدار فأنت طالق، أو: فأنت حر.
ومثال تخصيص العموم به ما أشرت إليه في النَّظم أنْ يقول: (وقفتُ هذا على أولادي إنْ كانوا علماء). فإنَّ مَن ليس بعالم خارجٌ بمفهوم هذا الشرط.
وسيأتي أن التخصيص بالمفهوم جائز، أَعَم من أنْ يكون منفصلًا عن العام أو متصلًا به. فالكلام هنا في المتصل في الشرط، وهناك في الأَعَم.
واعلَم أن الشرط له ثلاثة إطلاقات سبق بيانها في الكلام على خطاب الوضع، وسبق أن المراد هنا مِن تلك الإطلاقات إنما هو اللغوي الذي هو التعليق، وأنَّ تفسير مَن يفسره هنا بأنه "الذي يَلزم مِن عدمه العدمُ، ولا يَلزم مِن وجوده وجودٌ ولا عدمٌ [لذاته] (¬١) " كما في أكثر كُتب الأصول -ليس بجيد؛ لأن هذا إنما هو تفسير لإطلاق آخَر مِن الإطلاقات الثلاثة وهو "الشرط" الذي هو قَسِيم للسبب والمانع وغيرهما من خطاب الوضع إذا كانت في الشرع، فإنَّ الثلاثة قد تكون عقلية وعادية، وسبق تمثيلها.
على أنه بذلك الإطلاق لا يُفسَّر بهذا أيضًا؛ لأن هذا حُكمه بَعد تَصَوُّره، وإنما حقيقته ما يتوقف عليه تعريف المعرف كما بيَّنتُه هناك، وأن مَن عبَّر بقوله: (ما يتوقف عليه تأثير المؤثِّر) فاسد؛ لأن العِلَل والأسباب مُعرِّفات لا مؤثِّرات (على قول أهل السُّنة). ولو سُلِّم التأثير فيفسد بما أفسد به ابن الحاجب وغيره، وهو أن الحياة شرط في العِلم، فإذا فُرض ذلك في القديم، فيلزم أن يكون هناك تأثير، وهو محُال.
فالصواب حينئذٍ التعبير بِـ "التعريف" لا بِـ "التأثير" كما عبَّرنا به، إلا أنْ لا يُراد بِـ "التأثير" حقيقته بل ما له دَخْل في الوجود وعدمه في الجملة. وإذا كان المراد ذلك، فلا يضر
---------------
(¬١) ليس في (ص، ق).