كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 4)

التعبير به فيما سيأتي من المباحث.
أما "الشرط" اللغوي فيرجع إلى السبب؛ لأنه يَلزم مِن وجوده الوجودُ ومن عَدَمِه العدمُ كما قرره القرافي في كتاب "الفروق"، ولكنه بطريق وضع المتكلم ذلك بنطقه.
قال القرافي: وإطلاق "الشرط" على هذا وعلى الذي سبق يمكن أن يكون بالاشتراك ويمكن أن يكون بالحقيقة في أحدهما والمجاز في الآخَر، وأنْ يكون بالتواطؤ (¬١).
قلتُ: دعوى التواطؤ بإبداء مَعْنى مشترك بين الإطلاقين إنْ صح فهو أَصوب؛ لأنه خير مِن الاشتراك والمجاز، ولأنه يكون جوابًا لتعريف الأئمة "الشرط" -الذي هو مِن المخصِّصات- بما يتوقف عليه تعريف المعرِّف أو تأثير المؤثِّر أو بما يَلزم مِن عدمه العدمُ، ولا يَلزم مِن وجوده وجودٌ ولا عدمٌ.
وتصحيح قول القرافي وغيره أن الشروط اللغوية أسباب، وتقرير ذلك أنَّ القائل: (إنْ دخلت الدار فأنتِ طالق) فيه ثلاثة أمور:
تَلفُّظ بهذا الشرط، ووقوع المعلَّق عليه وهو دخول الدار، ووقوع المعلَّق وهو الطلاق.
فمَن نظر إلى التلفُّظ ورأَى أنه هو الشرط، صَحَّ أنه يَلزم مِن عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته؛ إذ لا يَلزم مِن التعليقِ الطلاقُ ولا عدمُه. بل إنْ وُجِد المعلَّق عليه، طلقت، وإلا فلا. وَيلزم مِن عدمِ التعليق عدمُ الطلاق مِن هذه الحيثية.
ويقال فيه أيضًا: إنه يتوقف عليه تأثير المؤثِّر مِن حيث إنَّ إرادة الزوج الطلاق هو المؤثِّر في طلاقها إذا أَوْجَد لفظًا يقتضيه.
ومَن نظر إلى المعلَّق عليه وهو دخول الدار [وسَمَّاه] (¬٢) "شرطًا" لِكونه يتوقف عليه تأثير
---------------
(¬١) الفروق (١/ ١٠٧ - ١٠٨).
(¬٢) كذا في (ص، ق)، لكن في (س، ض، ت): فإنما يسميه.

الصفحة 1572