قلتُ: ويشهد لهذا التأويل تمسُّك الإمام بقول القائل: (إنْ جئتني، أكرمتك)، فإنه يلزم مِن المجيء استحقاقُ الإكرام، فبَانَ مراده بما سبق في تقرير إطلاقات الشرط وأنه لا يريد أنَّ وجود المعلَّق عليه اقتضَى وجود المعلَّق؛ لذاته، بل للتعليق السابق والجَعْل.
وإذا تَقرر أن إطلاق "الشرط" على ذلك كله مِن قبيل [المتواطئ] (¬١)، صَحَّ تقسيم بعض المتأخرين "الشرط" إلى عقلي وعادي وشرعي ولغوي كما صنع القرافي، وذكر في "قواعده" مما يتميز به اللغوي أنه يمكن التعويض عنه وإبداله وإبطاله، بخلاف الثلاثة الأخرى.
قال: لأن القائل: "إنْ دخلت فأنت طالق" إذا نجز الثلاث، كان ذلك عوضًا عن سبب التعليق بسبب آخَر وهو التنجيز. وإذا قال: "إنْ رددتَ عبدي فَلَكَ هذا الدينار" ثم وهبه له، فقد أبدله بالهبة. وإذا علق الطلاق ثم قال: "نجزت ما علقته"، فقد أبطل التعليق بالتنجيز عند مَن يراه.
ويتميز اللغوي أيضًا بأنه ومشروطه دائمًا معدومات، وما عداه كل مِن الشرط والمشروط يكون وجودًا وعدمًا.
وأيضًا الشرط اللغوي قد يكون غير معلوم، فلا يقع مشروطه، كالتعليق على مشيئة الله -عز وجل- لطلاق أو عتق أو نحوهما.
---------------
(¬١) كذا في (ص، ق، ض)، لكن في (ت): التواطؤ.