كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 4)

تنبيهات
أحدها: حُكي عن المرتضى مخالفة في كون الشرط مخصِّصًا مخرِجًا لبعض الأفراد كما في الاستثناء، ووافقه صاحب "المصادر" -مِن المعتزلة- على ذلك؛ تَعلُّقًا بأنَّ الشرط إنما يُخرِج بعض الحالات، لا بعض الأفراد. فإنَّ القائل: (أكرم القوم إنْ دخلوا) إنما يفيد تقييد الإكرام بحالة دخولهم، ولولا الشرط لاستحقوا كلهم في كل حال.
وردَّه الجمهور بأنَّ مَن دخل، استحق دُون مَن لم يدخل، فهو تخصيص؛ لإخراجه بعض الأفراد؛ لأن القيد لكل فرد [فرد] (¬١)، لا للمجموع من حيث هو، وإلا لزم في نحو قوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦] أنْ لا تستحق مَن أرضعت ولدها إلا أن تُرضع جميع نساء العالم أولادهن، فعند ذلك تستحق الكل الأجر.
الثاني: الشرط المراد هنا ما كان بِـ "إنْ " وما في معناها كما سبق، بخلاف "لو" فإنه شرط في الماضي يقتضي امتناع جوابها؛ لامتناع شرطها كما سبق.
والشرط بِـ "إنْ" وما في معناها متوقَّع في المستقبل إما قطعًا (كَـ: إذا طلعت الشمس فأنت طالق) وإما مع الاحتمال (كـ: إنْ قام زَيد).
فإنْ ورَدَ ما يتوهم أنه لماضٍ، أُوِّل، نحو قوله تعالى حكاية عن عيسى عليه الصلاة والسلام: {إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ} [المائدة: ١١٦]، فإنه إنْ كان قال ذلك في الدنيا فالاستقبال ظاهر، أو يقوله في الآخِرة -وهو الظاهر- فمُؤَوَّل على حذف فِعل مستقبل، نحو: إنْ ثبت أو تبيَّن أني قلتُه فأنت أَعْلم.
---------------
(¬١) ليس في (ص).

الصفحة 1575