ونحوه قول الشاعر: (أتغضب إنْ أذنا قتيبة حزنا)، أي: إنْ تبيَّن ذلك.
الثالث: ذكر في "المحصول" وتبعه البيضاوي وغيره في مسائل "الشرط" هنا ما حذفتُه تبعًا لـ "جمع الجوامع"؛ لقِلة جدواه في كون الشرط تخصيصًا.
فمِنه أنَّ الشرط إما أن يقع في الوجود دفعةً أو تدريجًا، وكل منهما إما أن يكون التعليق على وجوده أو عدمه.
فما عُلِّق على وجود ما يقع دفعةً لِعدم تركُّبه أو لكون أجزائه لا توجد إلا معًا نحو: (إنْ طلقتك، فأنت طالق)، فالمشروط يقع في أول زمن وقوع الشرط.
وما عُلِّق على عدمه نحو: (إنْ لم أطلقك)، فالمشروط يقع أول أزمنة عدمه.
وما كان على التدريج نحو: (إنْ قرأت الفاتحة فأنت حر)، فالمشروط يقع عند تكامل أجزائه إنْ عُلِّق بوجوده، وعند انتفاء آخِر جُزء إنْ عُلِّق بعدمه، نحو: (إنْ لم تقرئي الفاتحة فأنت طالق).
قلتُ: المسائل الأربع تدور على أن المشروط في الشرط اللغوي -الذي قد بيَّنا أنه سبب- يقع مع الشرط، لا بَعده، وهو الأرجح مِن قولَي الشافعي كما هو موضح في الفقه.
إلا أنَّ ما يقع دفعةً ليس له إلا زمن واحد، فكيف يقال: أول أزمنة وجوده؟ ولو قُدِّر تَعدُّد زمنه لَمَا كان يقع حتى يصدق، ولا يصدق إلا في آخِر أزمنته، لا في أولها.
وما عُلِّق بعدم هذا إنْ قُيِّد بزمان والتعليق بِـ "إنْ" كَـ: (إنْ لم أطلقك اليوم، فأنت طالق) و: (إنْ لم أَبع في هذا اليوم، فأنت حر) فإنَّ المشروط إنما يقع في آخِر أزمنة العدم، لا في أولها.
وإنْ لم يقيد بزمان كـ: (إنْ لم أطلقك، فأنت طالق)، فلا تطلق إلا قبل الموت، وهو آخِر أزمنة العدم الممكن فيها الطلاق، أو قبيل الجنون الحاصل للزوج متصلًا بالموت كما قُرر ذلك كله في الفقه.