ظاهرُ إطلاق البيضاوي وغيره أن الصفة كالاستثناء -جريانُه (¬١)، وهو محتمل، لكن لم أره تصريحًا، فلذلك لم أتعرض أيضًا في النَّظم له.
الثالث: إذا تعقب جُملًا أو مفردات، هل يعود للكل؟ أو للأخير؟ على الخلاف السابق، فهل يأتي مِثله في الصفة؟
الذي يقتضيه كلام أصحابنا في الفقه أنه يعود للكل.
وفي "المحصول" للإمام: (إذا تعقبت الصفة شيئين فإما أن يتعلق أحدهما بالآخَر كَـ: "أكرم العرب والعجم المؤمنين"، فتكون عائدة إليهما، أو لا يكون كذلك كَـ: "أكرِم العلماء وجالِس الفقهاء الزهاد"، فهُنا الصفة عائدة للأخيرة).
قال: (وللبحث فيه مجال كما في الاستثناء) (¬٢).
فلم يصرح الإمام بأن أبا حنيفة يخُصها بالأخير كما في الاستثناء، لكنه في أثناء الاستدلال في الاستثناء المتعقب للجُمل نقل عن أبي حنيفة أن الحال أو الظرف أو الجار والمجرور إذا تعقب متعددًا، يختص بالأخير على قول أبي حنيفة، ولهذا يستدرك -على مَن استدل على أبي حنيفة بالعَوْد في ذلك على الكل فينبغي أن يكون الاستثناء كذلك- بأنَّ هذا أيضًا مما يخالف فيه أبو حنيفة، فلا يُستدل به عليه. وإذا كان هذا قول أبي حنيفة في الحال والظرف والمجرور مع أنها كما سبق صفات، فيؤخذ منه أنه يقول به في مُطلق الصفة.
وجرى الصفي الهندي على أن الصفة المتعقبة لمتعدد يجري فيها الخلاف في الاستثناء.
قولي: (مِنْ قَبْلُ وَبَعْدُ عَاضِدُ) إشارة إلى أن الصفة تعود للكل، سواء تأخرت عن المتعدد أو تقدمت، كما لو قال: (وقفتُ هذا على محتاجي أولادي وأولادهم)، فتعتبر الحاجة في
---------------
(¬١) يعني: ظاهر إطلاق البيضاوي جريانُه. يعني: جريان الخلاف.
(¬٢) المحصول (٣/ ٦٩).