كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 4)

الأمر الثالث:
قال الشيخ تقي الدين أيضًا: (إطلاق كون "الغاية" من المخصصات لا بُدَّ فيه مِن إخراج ما سبق في حديث: "رفع القلم"، و {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: ٥] و {حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: ٢٢٢] ونحوه مما لا يكون شاملًا لِمَا بعد الغاية. وإخراج نحو: "قطعت أصابعه من الخنصر إلى الإبهام"، فإنَّ الغاية فيه داخلة قطعًا، فهو تأكيد وتحقيق للعموم) (¬١).
كما سبق من الفائدة الأولى في مثل ذلك.
نعم، لو كان اللفظ غير صريح نحو: (ضربت القوم حتى زيدًا)، كان تأكيدًا [بالظهور] (¬٢)، لا بالقطع، لاحتمال أنه أراد أن الضرب انتهى إليه ولم يشمله.
الرابع:
الأصل في مقصود الغاية أن المُغَيَّا بالتدريج إلى أن يصل لها، نحو: سِرت من البصرة إلى الكوفة. وحينئذٍ فقوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦] مع أنه بَعد صِدق غسل اليد لا تدريج ينتهي إلى المرافق إنما ينتظم فيه ذلك لو قيل: اغسلوا إلى المرافق.
قال بعض الحنفية: فيتعين أن يكون في الآية المغيَّا غير الغسل، والتقدير: واتركوا من إباطكم إلى المرافق، لأنَّ غسل اليد إنما يحصل بعد الوصول إلى الإبط، فليس ثابتًا قبل المرفق، فإنَّ الترك متدرج من حين ابتداء الغسل إلى الوصول فيه إلى المرافق. وفي هذا الموضع قد تعارَض الإضمار (وهو تقدير "اتركوا") والمجاز (وهو إطلاق اليد على بعضها)،
---------------
(¬١) الإبهاج (٢/ ١٦٣).
(¬٢) في (ص، ق): للظهور.

الصفحة 1594