كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 4)

قال القرافي: (ولم أره إلا فيه، وغيره إنما يحكى الخلاف مطلقًا من غير تَعرُّض للأجزاء) (¬١). انتهى.
ولكن ليس ما قاله التبريزي بعيدًا، بل يظهر من فوائده أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَقبل الله صلاة أحدكم إذا أَحْدَث حتى يتوضأ" (¬٢) هل معناه كمال الوضوء فلا يرتفع الحدث عن عضو حتى يتم؟ أو يرتفع عن كل عضو قبل أن يشرع فيما بعده؛ إذ المعنى: لا يقبل الله صلاة مَن أحدث ما كان مُحْدثًا وحَدَثه لا يزال حتى يتوضأ.
قلتُ: وفيه نظر؛ لأنَّ نفي القبول أو نفي الصحة (إذا قُلنا: لازِمَة له) إنما هو متعلق بتمامه إجماعًا.
وإنما منشأ الخلاف في ارتفاع حدث البعض النظرُ إلى توقُّف كلٍّ على المجموع، لا كل واحد على تطهيره فقط.
ونحوه حديث "مسح الخفين": "إذا تَطَهَّر فَلَبسَ خُفَّيْه" (¬٣)، هل المعنى الكامل؟ أو تطهير كل رِجل؟
الثامن:
قوله تعالى: {حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة: ٢٢٢] الآية، وقع خلاف للعلماء في أن المغيَّا هو المعلق عليه الشرط لا سيما على قراءة: {حَتَّى يَطَّهُرْنَ} بالتشديد؟ أو غيره؟ وعلى الأول: يكون الإذن في القربان استُفيد من الغاية بـ "حتى"؛ أو مِن الشرط بـ "إذا"؟ أو
---------------
(¬١) نفائس الأصول (٣/ ٧).
(¬٢) سبق تخريجه.
(¬٣) صحيح ابن خزيمة (١٩٢)، صحيح ابن حبان (١٣٢٤)، السنن الكبرى للبيهقي (١٢٥٠) وغيرها. قال الألباني: حسن. (التعليقات الحسان: ١٣٢١).

الصفحة 1598