كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 4)

فالأول: الحِس، أي: المشاهدة، وإلا فالدليل السمعي مِن المحسوس بالسمع أيضًا. فالمراد أنْ يَرد حُكم في عام ونحن نشاهد بعض أفراده خارجًا مِن ذلك الحكم.
ومَثَّلوه:
- بقوله تعالى إخبارًا عن بلقيس: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: ٢٣]، ومن المعلوم بالشاهدة أنها لم تُؤْتَ مُلْك سليمان عليه السلام. زِيدَ على ذلك: ولم تؤتَ أيضًا شيئًا مِن الملائكة والعرش.
ولكن فيه نظر من حيث إنَّ ذلك غير مشاهَد حتى يكون علمنا به بالحس.
- وبقوله تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} [الأحقاف: ٢٥]، ونحن نشاهد موجودات لم تدمرها، كالسماوات والجبال وغيرها.
- ونحو ذلك أيضًا قوله تعالى: {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} [الذاريات: ٤٢]، {يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ} [القصص: ٥٧]، فإنَّ مِن المُشاهَد ما لم تجعله كالرميم، وأنَّ ما في [أقصى] (¬١) المشرق والمغرب لم يُجْبَ إليه.
نعم، هنا ثلاث كلمات:
الأُولى: أنَّ هذه الأمثلة لا تتعين أن تكون مِن العام المخصوص بالحِس، فقد يُدَّعَى أنها مِن العام الذي أُريد به خاص. وقد سبق الفرق بينهما وثمرة اختلافهما.
الثانية: أنَّ ما كان خارجًا بالحِس قد يُدَّعى أنه لم يدخل حتى يخرج كما سيأتي نظيره في التخصيص بالعقل، فليكن هذا على الخلاف هناك.
الثالثة: يَؤُول التخصيص بالحس إلى أنَّ العقل يحكم بخروج بعض الأفراد بواسطة
---------------
(¬١) في (ص، ق): الأقصى.

الصفحة 1602