تنبيهات
الأول: المخالف في هذه المسألة بعض الظاهرية، تمسكوا بأنَّ التخصيص بيان للمراد باللفظ؛ فلا يكون إلا بالسّنة؛ لقوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤]. وما ذُكر مِن الأمثلة يجوز أن يكون التخصيص فيه بالسُّنة.
كما في حديث أبي السنابل بن بعكك مع سبيعة الأسلمية حين قال لها: ما أنت بناكح حتى يمر عليك أربعة أشهر وعشرًا. فجاءت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأفتاها بأنها حَلَّت بوضع حملها (¬١).
وأجيب بأنه لا يخرج عن كونه مُبيِّنًا إذا بَيَّن ما أُنزل بآية أخرى مُنزَّلة كما بيَّن بما أُنزل عليه مِن السُّنة، فإنَّ الكل مُنزَّل.
وأيضًا فالاستدلال على مُدَّعاهم بقوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ} مُعارَض بقوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: ٨٩]، فإنه يقتضي أن القرآن أيضًا مُبيِّن لجميع الأشياء ومن جُملتها الكتاب، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - مُبيِّن تارة بالكتاب وتارة بالسُّنة.
---------------
(¬١) سبق تخريجه.