كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 4)

وإنْ أريد انعقاد الإجماع على الحكم، فالتخصيص حينئذٍ إنما هو بالإجماع، لا بالسُّنة، وسيأتي بيان التخصيص به.
ومما يُتعجب منه هنا تمثيل البيضاوي تخصيص القرآن بالسنة المتواترة بتخصيص آية المواريث بحديث: "القاتل لا يرث" مع أنه ضعيف الطرق -كما سبق- فضلًا عن أن يكون متواترًا!
وأما جواب القرافي عن مثل ذلك بأن "زمان التخصيص وزمان النَّسخ إنما كان في عصر الصحابة، وقد يكون ذلك متواترًا حينئذٍ، ولا يَضُره أنْ صار في هذا الزمان آحادًا، بل ربما يُنسى الحديث بالكُلية" ففيه نظر؛ لأنَّ احتمال ذلك لا يلزم منه أن يكون هو الواقع. وأيضًا فلا يبقي فرق بين التواتر والآحاد في الأحكام؛ لأنَّ الآحاد كانت تَواتُرًا، فيُنسخ المتواتر الآن بالآحاد الآن ويُدَّعَى أن النَّسخ كان في ذلك الزمان وإنْ صار الناسخ في هذا الزمان آحادًا.
الضرب الثاني: التخصيص للقرآن بالسُّنة الآحاد:
وفيه مذاهب:
أحدها: وهو الصحيح وقول الجمهور ونقله الآمدي وابن الحاجب عن الأئمة الأربعة: الجواز.
قال ابن السمعاني: (لإجماع الصحابة على تخصيص: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: ١١] بحديث: "لا نُورَث" وبحديث: "لا يرث المسلم الكافر". وقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥] بخبر عبد الرحمن بن عوف في المجوس: "سنوا بهم سُنة أهل الكتاب" (¬١). وأما قول عمر:
---------------
(¬١) مصنف عبد الرزاق (١٠٠٢٥)، مسند البزار (١٠٥٦)، سنن البيهقي الكبرى (رقم: ١٣٧٦٤)، =

الصفحة 1614