"المنخول" عن المعتزلة، ونقله ابن برهان عن طائفة من المتكلمين والفقهاء، ونُقل عن طائفة مِن أهل العراق وأنهم لأجله منعوا الحكم بالقرعة وبالشاهد واليمين.
الثالث: عن عيسى بن أبان: إنْ خُص بقاطع، جاز تخصيصه بعد ذلك بالَاحاد؛ لأنه بعد التخصيص يكون مجازًا في الباقي. أما قَبْله فحقيقة في الأفراد.
وقد استشكل نَقْل هذا عنه مع نَقل عدم حُجية العام بعد التخصيص عنه.
وأجيب بأنَّ قوله: (غير حجة) إنما هو من حيث احتمال أن يُراد الحكم بالباقي وأنْ لا يراد، فصار مُجْمَلًا، فإذا أُخرج مِن الباقي بعد الحكم شيء بخبر الواحد، كان محكومًا عليه بضد حكم العام، خارجًا مِن محل الاحتمال والإجمال.
قال ابن السبكي في "جمع الجوامع": (وعندي عكسه" (¬١).
أي: إنْ خُص بقاطع، لم يجز تخصيصه بالآحاد، وإلا جاز ذلك؛ لأنَّ الغالب في العمومات أنها مخصَّصة، حتى قيل: ما مِن عام إلا وخُصَّ. فإذا كان لا بُدَّ مِن مُخصِّص، فالتخصيص بخبر الواحد يلحق بما هو الأغلب في العمومات، بخلاف العام إذا خُصَّ بقاطع، فقد وافق الأغلب، فلا ضرورة إلى تخصيصه بعد ذلك بخبر الآحاد.
وأقام شارحُه ذلك قولًا وأنه انفرد به، وهو لم يُورده إلا بحثًا واحتمالًا، وإلا فكان يختار في سائر المخصصات -على آراء ضعيفة- أنها يجوز التخصيص بها إذا لم يتقدم تخصيص بما يسوغ التخصيص به؛ إلحاقًا لذلك العام بالأغلب في العمومات.
ولم يَقُل ذلك، فاعْلَمه.
الرابع: إنْ خُصَّ قبل ذلك بمنفصل، جاز أن يُخص بالآحاد، وإلا فلا. قاله الكرخي؛
---------------
(¬١) جمع الجوامع (٢/ ٦٤) مع حاشية العطار.