الأُولى: تخصيص السنة المتواترة بمثلها:
ويجري فيها الخلاف السابق في تخصيص القرآن بالقرآن.
وحكى الشيخ أبو حامد عن داود أنهما يتعارضان.
ومنشأ الخلاف أيضًا في ذلك مما سبق في أنَّ السُّنة إنما تكون مُبيِّنة؛ لقوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ}، لا محتاجة للبيان، سواء تواترت أوْ لا.
ولذلك قال القاضي عبد الوهاب: منع بعضهم من تخصيص السُّنة بالسنة بما سبق.
المانية: تخصيص المتواترة بالآحاد:
ويطرقها الخلاف مِن حكاية القاضي عبد الوهاب آنفًا.
وجوابه: أن المبيَّن (بالفتح) لا يمتنع أن يكون مُبيِّنًا (بالكسر) مِن وجه آخَر، إذْ لا تنافي بينهما.
ومنهم مَن يحكي فيه الخلاف السابق في تخصيص القرآن بالسُّنة، وقد صرح بذلك القاضي في "التقريب" وإمام الحرمين في "البرهان" وغيرهما، فإنكار ذلك على البيضاوي ليس بجيد.
فائدة: تخصيص عموم القرآن والسُّنة المتواترة هل يجوز بالقراءة الشاذة؟ يتجه تخريجه على ما سبق من الخلاف في أنها يُحتج بها [أَم] (¬١) لا.
نعم، في كتاب أبي بكر الرازي أنه يجوز إذا اشتهرت واستفاضت، قال: (ولهذا أخذنا بقراءة ابن مسعود: "متتابعات"، ومنعنا به الإطلاق في الآية) (¬٢).
---------------
(¬١) كذا في (ص، ق)، لكن في (س): أو.
(¬٢) الفصول في الأصول لأبي بكر الجصاص (١/ ١٩٨).