التالثة: تخصيص الآحاد بالمتواترة:
ويطرقه الخلاف مِن كون السُّنة مُبَيِّنة، لا محتاجة للبيان. وسبق بجوابه.
الرابعة: تخصيص الآحاد بالآحاد:
وهو ما ذكرته في النَّظم؛ لأنه الذي توجد أمثلته، وهي كثيرة، وهي على أربعة أضرب؛ لأن العام دائمًا قول، والمخصِّص إما قول أو فعل، والفعل إما وجودي وإما كَفِّي وهو تقريره - صلى الله عليه وسلم -، وذلك إما لفعل عَلِمَ به وإما لعادة اطَّلَع عليها فَقَرَّرَها.
فالأول: مِن أمثلته ما أشرتُ إليه في النَّظم من حديث: "فيما سقت السماء العشر" (¬١). أخرجه أبو داود والنسائي عن ابن عمر، بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة" (¬٢). متفَق عليه من حديث أبي سعيد الخدري.
وقولي: (بِالْأَثَرِ) المراد به الحديث؛ فلذلك عقبتُه بقولي: (أَيْ: لَيْسَ فِيمَا) إلى آخِره، وإنْ كان الأثر غالبًا إنما يُطلق في الموقوف على صحابي أو غيره مِن غير رفع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كما سبق بيانه في محله.
الضرب الثاني: الفعل، فإذا قُلنا: يجب على الأُمة التأسي به، فالأكثرون من أصحاب الأئمة الأربعة وغيرهم على جواز التخصيص به.
قال الشيخ أبو حامد: هذا إذا قُلنا: إنه على الوجوب أو الندب، فإنْ قُلنا بالتوقف، فلا يخصص به.
وقال جمعٌ (منهم الكرخي): لا يخصص به مطلقًا. واختاره ابن برهان، وحكاه الشيخ في "اللمع" عن بعض أصحابنا.
---------------
(¬١) سبق تخريجه.
(¬٢) سبق تخريجه.