خصائصه، كنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الوصال ثم واصل، ثم قال: "إني لست كأحدكم" (¬١). فَبَيَّن أنه يفعل مُريدًا به بيان حُكمهم وإلا فينبههم على اختصاصه بذلك.
نعم، محل كونه تخصيصًا ما إذا كان العموم شاملًا له وللأُمة بتحريم شيء مَثلًا ثم يفعل الفعل المنهي عنه وهو مما لا يجب اتِّباعه فيه إما لكونه مِن خصائصه أو غير ذلك.
أما إذا أوجبنا التأسي به فيه، فيرتفع الحكم عن الكل، وذلك نَسخ، لا تخصيص.
وأما إذا كان العموم للأُمَّة دُونه، فَفِعله ليس بتخصيص، لعدم دخوله في العموم.
وقد مُثِّل ذلك بالنهي عن استقبال القبلة واستدبارها، ثم جلس في بيت حفصة مستقبل بيت المقدس (¬٢). فعَلَى القول بأن النهي شامل للصحراء والبنيان فيحرم فيهما وبِه قال جمعٌ: يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - خُصَّ بذلك، وخرج من عموم النهي.
فإنْ قُلنا: إنه - صلى الله عليه وسلم - ليس مختصًّا بذلك، فالتخصيص للبنيان مِن العموم سواء هو والأُمَّة في ذلك.
ومثاله في جانب التَّرْك:
قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الثيب بالثيب جلد مائة والرجم". ثم إنه رجم ماعزًا والغامدية مِن غير جَلد. لكن ليس هذا من باب التخصيص؛ لأنه رَفْع لأحد أمرين منصوصين، فيكون نَسخًا، لا تخصيصًا.
---------------
(¬١) مسند الإمام أحمد (رقم: ٤٧٥٢)، سنن الترمذي (رقم: ٧٧٨)، وغيرهما. قال الألباني: صحيح. (صحيح الترمذي: ٧٧٨).
وفي صحيح البخاري (رقم: ١٨٦٠) بلفظ: (لسْتُ كَأَحَدٍ مِنكمْ). وفي صحيح مسلم (١١٠٢) بلفظ: (إني لست كهيئتكم).
(¬٢) صحيح البخاري (رقم: ١٤٧، ١٤٨).