كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 4)

كانوا عليه، ويتوصل بالحال إلى العِلم به.
قولي: (سُنَّةً بِهَا يُخَصُّ حَيْثُ أُطْلِقَتْ فَعَمَّهَا) أي: عَمَّ الأمور الثلاثة (القول والفعل والتقرير) سُنَّةٌ يُخص بها عموم السُّنة. فحيث أطلقت "السُّنة" كانت شاملة للثلاثة؛ فإنَّ لفظ "السُنَّة" يعمها وَيصْدُق عليها.
وقولي: (فَعَادَةً قرَّرَهَا مُخَصِّصَهْ) إلى آخِره -إشارة إلى بيان حُكم الضرب الرابع وهو ما إذا اطَّلع النبي - صلى الله عليه وسلم - على عادة اطردت في زمانه وأقَرها ولم يُنكرها ولكن تلك العادة مخالفة لبعض ما دخل في عموم سُنَّة أخرى، فإنَّ ذلك يكون تخصيصًا.
وأشرتُ بعطف ذلك بِـ "الفاء" إلى أنه مُرتَّب على ما قَبله؛ لرجوعه إلى التخصيص بالتقرير.
واعْلَم أنَّ في هذا الضرب اضطرابًا شديدًا يظهر ذلك بما نذكره مِن الأحوال في تصويره المحتملة فيه:
فأحدها: أنْ يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - أوجبَ أشياء أو حَرَّمها بلفظ عام، ثم تجري عادة بعد ذلك بترك بعض ما أوجب أو بفعل بعض ما حرم.
فقال الإمام الرازي وأتباعه: إنها تخصيص إذا عَلِم بها النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يُنكرها ولا منعها.
قال في "المحصول": (فأما إذا عُلِم جريانها مِن بَعْده - صلى الله عليه وسلم -، فإنها لا تُخصِّص إلا أنْ يُجمَع على فِعلها؛ فيكون تخصيصًا بالإجماع الفعلي) (¬١).
أي: والتخصيص بالإجماع -كيف كان- جائز كما سيأتي.
وعلى هذا جريتُ في النَّظم بقولي: (فَعَادَةً قَرَّرَهَا مُخَصِّصَهْ).
---------------
(¬١) المحصول (٣/ ١٣٢).

الصفحة 1626