والراجعة للقول، فيُخصَّص بالثانية العمومُ؛ لِسَبْق الذهن عند الإطلاق إليه دُون الأول.
أي: إذا تَقدمت أو تأخرت ولكن لم يُقررها - صلى الله عليه وسلم -؛ حتى يجتمع كلامه مع ما سبق.
قلتُ: وكلام القرافي في "شرح التنقيح" كالصريح في هذه الحالة، خلافًا لمن زعم أنه في الحالة التي قبلها.
وهذه الحالة الثالثة لم أتعرَّض لها في النَّظم؛ لأنها حينئذٍ مِن حمل اللفظ على حقيقته العُرفية.
وأما الحالة الثانية: فتخرج مِن كونه - صلى الله عليه وسلم - قَرر العادة إذا أتى بلفظ عام موافِق للعادة السابقة في البعض، فيُستفاد منه جريان الحكم فيه وفي غيره، فلا يقال: إنه قَرَّر العادة.
بخلاف ما إذا جاءت بَعْد مخالِفة للعام وعَلِم بها وسكت، فإنه يقال: قررها.
تنبيهات
الأول: من فروع المسألة: لو قال: (بعتُك هذه الشجرة)، فهو في قوة بيعها مُصرِّحًا بجميع أغصانها، لكن لا يدخل فيها الغصن اليابس؛ لأن العادة فيه القطع.
وقال صاحب "التهذيب": يحتمل أن يدخل كالصوف على ظهر الغنم إذا بِيعت الغنم وقد استحق جز صوفها في العادة.
وما قاله هو قياس ما سبق من عدم التخصيص بالعادة السابقة، إلا أن يقال: إنما لم يدخل الغصن اليابس لأنه كالخارج من مدلول لفظ الشجرة؛ لأنَّ اليابس كالمنفصل، فهو كالسُّلم ونحوه في بيع الدار حيث لا يكون مُثَبَّتًا.
ومن ذلك ما أشار إليه القرطبي إذ قال: اختلف أصحابنا في تخصيص العموم بالعادة الغالبة، كقوله تعالى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [المائدة: ٦]، فهو كناية عن الخارج