كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 4)

وممن جري علي هذا القول المشهور ابن الحاجب وغيره.
لكن عزاه ابن برهان في "الأوسط" للحنفية، وحكي الثبوت عن مذهبنا ونَصَره.
قيل: وهو الموجود لأصحابنا المتقدمين.
ففي "البحر" للروياني في "باب الوكالة": (إذا نسخ الله حُكمًا وعلم رسوله، هل يكون نسخًا في حق مَن لم يَعْلم مِن أُمته؟ فيه طريقان:
أحدهما: فيه الوجهان، كالوكالة.
والثاني: لا يكون نسخًا في حقهم قطعًا. وبه قال أبو حنيفة؛ لأنَّ أمر الشريعة يتضمن تركه المعصية، ولا يجوز أن يكون عاصيًا مع جهله به) (¬١).
وقد توقف في الترجيح ابن دقيق العيد حيث قال: (لا [أشك] (¬٢) أنه لا يَثبت في حُكمه التأثيم. وهل يثبت في حُكمه القضاء [و] (¬٣) هو مِن الأحكام الوضعية؟ فيه تردُّد؛ لأنه ممكن، بخلاف الأول؛ لأنه يَلزم منه تكليف ما لا يطاق). انتهى
واعلم أن إمام الحرمين قال في "مختصر التقريب": هذه المسألة قطعية.
وذهب بعضهم إلى إلحاقها بالمجتهدات حتى نقلوا فيها قولين من القولين في الوكيل إذا عُزل ولم يبلغه العزل. أي: والصحيح من القولين أنه ينعزل في الحال، وفي قول: لا، كالنسخ.
ومنهم مَن عكس، فخرج مسألة النسخ على قولَي الوكالة كما سبق نقله عن "مختصر
---------------
(¬١) بحر المذهب (٦/ ٣٧).
(¬٢) كذا في (ص)، لكن في (ق، س): شك.
(¬٣) في (ص، ق، ض، ش): أو.

الصفحة 1859