كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 4)

مُعَرِّفة ولا تأثير لها البتَّة؟ أو مؤثِّرة لكن بِجَعْل الباري تعالى ذلك؟
فالكلام على تقرير هذه الأمور.
أما الأول (وهو تقسيم الوصف الظاهر المنضبط إلى أربعة أقسام) فوَجْه الحصر أنَّ ما يُعْلَم مِن ذلك:
إما أن يتوقف العِلم به على وَضْع؟ أو لا؟ فإنْ لم يتوقف بل تُعُقِّل باعتباره في نفسه وإنْ كان تعريفه للحُكم إنما عُلِم مِن حيث الشرع، فهو "الوصف الحقيقي".
وْإن توقف على وضع، فإما أن يكون الواضع له الشرع (أي: لم تُعْرف [وَصْفِيتُه] (¬١) إلا بالشرع) أو مِن حيث وضع لفظ يدل عليه مِن اللغة أو العُرف، فيُعْلَم مِن واضع اللغات أو مِن أهل العُرف.
فالأول: الشرعي، والثاني: اللغوي، والثالث: العُرفي.
فأما الأول (وهو "الحقيقي") فلا خلاف في التعليل به إذا كان مشتملًا على مصلحة مما سيأتي، كالطعم في قولنا: مطعوم؛ فيكون رِبَوِيًّا. فإن الطعم يُدْرَك بالحسِّ، لا يتوقف تَعَقُّلُه على تَعَقُّلِ غيره.
وأما الشرعي (وهو الحكم الشرعي) فاختُلف في كونه علة لحكم شرعي:
فجَوَّز الأكثرون التعليل به، كتعليل منع بيع الكلب بنجاسته؛ لأن العلة هي المعَرِّف على قول أهل السُّنة كما سيأتي، فلا امتناع أن يُجْعَل حُكم شرعي مُعَرِّفًا لحكم شرعي.
وقيل: لا يُعَلَّل به؛ لأنه مُعَلَّل، فكيف يكُون عِلة؟
وجوابه: أنَّ جهة مَعْلُولِيَّتِه غير جهة عِلِّيَّتِه.
---------------
(¬١) كذا في (ص، ق)، لكن في (ت): وضعيته.

الصفحة 1895