كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 4)

والمعتزلة يقولون: إنه (¬١) خالقٌ لأفعال نفسه.
ومحل بسط هذه المسألة أصول الدين.
الرابع: أنها مؤثِّرة بالعُرف. واختاره الإِمام الرازي في " [الرسالة] (¬٢) البهائية في القياس".
فإن قلت: قال الآمدي وابن الحاجب: (إنَّ العلةَ: الباعثُ). فهل ذلك موافقة للمعتزلة؟ أو الغزالي؟ أو المراد غير ما أرادوه؟
قلت: ليس موافقةً لهم؛ لأنهما قد فَسَّرا ذلك بأنْ تكون مشتملة على حِكمة مقصودة للشارع مِن شَرْع الحكم، أي: مِن تحصيل مصلحة أو تكميلها أو دفع مفسدة أو تعليلها حتى لا تكون مجرد أمارة، وذلك إنما يكون إذا كانت العلة مستنبطة؛ فإنها إذا كانت منصوصة أو مجمعًا عليها، فالمعَرِّف النص أو الإجماع.
فإن قوله مثلًا: (علة تحريم الخمر الإسكار) تصريح بحرمة الخمر، فلا يكون قد عُرِف بالعلة. وأما المستنبطة فإنما عُرِفَت من الحكم بطريق الاستنباط، فكيف تكون مُعَرفة له فيَلزم الدَّوْر؟
نعم، إنْ أُجيبَ بأن المراد مُعرِّفة لحكم الفرع وحُكمُ الأصل عَرَّفها، فلا دور. وهو معنى ما سبق نقله عن ابن الحاجب مِن أن الجامع فرعٌ للأصلِ أصلٌ للفرع، وسبق شرحه والتعقب عليه من وجه آخر.
نعم، ردوا قول الآمدي: (إنها بمعنى الباعث للشارع على شَرْع الحكم) بأنه مخالف
---------------
(¬١) يعني: العَبْد.
(¬٢) في (ص): المسألة. وفي معجم الأدباء (٦/ ٢٥٨٩) ذكر ياقوت الحموي من تصانيف الرازي: "النهاية البهائية في المباحث القياسية".

الصفحة 1899