كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 4)

باب القياس كله من باب تعميم النص بالعلة، وقد تَقدم طرف من ذلك في باب العموم في تقسيم العمومات، فليراجَع.
وأما عودها بتخصيص النص فللشافعي فيه قولان مستنبطان مِن اختلاف] قوله] (¬١) في نقض الوضوء بمس المحارم.
ففي قول: ينقض؛ تمسكًا بالعموم في قوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: ٤٣].
وفي قول وهو الراجح: لا ينقض؛ نظرا إلى كَوْن الملموس مظنة للاستمتاع، لاسيما إذا فُسرت الملامسة في الآية بالجماع؛ فعادت العلة على عموم النساء بالتخصيص بغير المحارم.
ومثله: حديث النهي عن بيع اللحم بالحيوان (¬٢) شامل للمأكول وغيره، والعِلة فيه -وهو معنى الربا- تقتضي تخصيصه بالمأكول؛ لأنه بيع رِبَوِي بأصله، فما ليس بِرِبَوِي لا مدخل له في النهي؛ فلذلك جرى للشافعي قولان في بيع اللحم بالحيوان غير المأكول، مأخذهما ذلك.
ولكن الأرجح هنا المنع؛ عملًا بالعموم مِن غير نظر للمعنى؛ ولهذا لم يرجِّح كثيرٌ مِن الخلاف شيئًا؛ لاضطراب الترجيح كما عرفته. وكذا جرى على عدم الترجيح ابن السبكي في "جمع الجوامع".
وعبارة النَّظم إنما يخرج ما يعود بالتعميم وبالتخصيص، فيحتمل أن [ذلك] (¬٣) للجواز
---------------
(¬١) كذا في (ص، ق، ش)، لكن في (س): قوليه.
(¬٢) مسند البزار (١٢/ ٢٠٥، رقم: ٥٨٨٨) ط: مكتبة العلوم والحكم، سنن الدارقطني (٣/ ٧٠)، المستدرك على الصحيحين (رقم: ٢٢٥٢)، سنن البيهقي الكبرى (رقم: ١٠٣٥٠). قال الألباني: حسن. (إرواء الغليل: ١٣٥١).
(¬٣) كذا في (ص، ق)، لكن في (س): تلك.

الصفحة 1927