كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 4)

الخامس:
أن تكون العلة مُعَيَّنة، لا مُبْهَمة بمعنى شائعة، خلافًا لمن اكتفى بذلك؛ تَعلُّقًا بقول عمر - رضي الله عنه -: "اعْرف الأشباه والنظائر، وقِس الأمور برأيك" (¬١). فيكفي عندهم كون الشيء مشبهًا للشيء شبهًا ما.
قال الهندي: لكن أطبق الجماهير على فساده؛ لأنه يُفْضِي إلى أن العامي والمجتهد سواء في إثبات الأحكام الشرعية في الحوادث؛ إذ ما مِن عامِّي جاهل إلا وعنده مَعْرفة بأنَّ هذا النوع أصل مِن الأصول عامٌّ في أحكام كثيرة. وأجمع السلف على أنه لا بُدَّ في الإلحاق مِن الاشتراك بوصف خاص، فإنهم كانوا يتوقفون في الحادثة ولا يُلحقونها بأيّ وصف كان بَعد عجزهم عن إلحاقها بما شاركها في وصف خاص.
أما التعليل بأحد أمرين أو ثلاثة أو نحو ذلك من المحصور فلا يمتنع. كما يقول أصحابنا فيما إذا مَس الرجل مِن الخنثى فرج الرجال أو المرأة من الخنثى فرج النساء فإنه ينتقض الماس إذا كان أجنبيًّا مِن الخنثى؛ لأنه إما ماس فرج أو لامس أجنبية أو أجنبي. فعللوا النقض بأحد الأمرين: اللمس أو المس.
وذلك في الفقه كثير، فعَلِمْنا المراد هنا بالإبهام. والله أعلم.
---------------
(¬١) سنن الدارقطني (٤/ ٢٠٦) بلفظ: (اعْرفِ الأَمْثَالَ وَالأَشْبَاهَ، ثُمَّ قِسِ الأُمُورَ عِنْدَ ذَلِكَ). وفي إسناده عبيد الله بن أبي حميد، قال الحافظ ابن حجر في (التقريب، ص ٣٧٠): (متروك الحديث).
وفي سنن البيهقي الكبرى (رقم: ٢٠١٣٤) بلفظ: (فَتَعَرَّف الْأَمْثَالَ وَالْأَشْبَاهَ، ثُمَّ قِسِ الْأُمُورَ عِنْدَ ذَلِكَ).

الصفحة 1931