كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 5)

وأما "الظاهر" فهو: ما يحتمل احتمالًا، مرجوحًا، بأنْ يكون قد وُضع للتعليل لكنه استعمل في معنى غيره. فإذا ورد فإنما يحمل على الأصل مع احتمال أن يراد غيره، بخلاف ما لم يُستعمل في غير التعليل.
فأما "الصريح" الذي لا يحتمل غير العِلية فمثل أن يقال: "لِعِلة كذا" أو "لِسَبب" أو "لأَجْل" أو "مِن أَجْل". كقوله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} [المائدة: ٣٢]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما جُعل الاستئذان مِن أَجْل البصر" (¬١). رواه الشيخان، وقوله: "إنما نهيتكم مِن أَجْل الدافة التي دفت، فكُلوا وادخروا" (¬٢). رواه مسلم. أي: لأجل التوسعة على الطائفة التي قَدِمت المدينة أيام التشريق. والدافة: القافلة السائرة.
وَنَحْوِ "كَيْ" سواء كانت مجردة عن "لا" نحو قوله تعالى: {كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ} [طه: ٤٠] أو مقرونة بها نحو: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: ٧] أي: إنما وجب تخميسه لئلَّا يتناوله الأغنياء منكم؛ فلا يحصل للفقراء شيء.
وذكر ابن السمعاني أن "لأجْل" و"كَيْ" دُون ما قَبْلهما في الصراحة. وربما يفهم ذلك [مِن النَّظْم مِن] (¬٣) ترتيبها في الذكر.
وقولي: (وَمَا كَمِثْلِ) أي: وما كان كمثل ما ذكر من هذه الصيغ، نحو: "إذًا" في قوله - صلى الله عليه وسلم - لأُبي بن كعب وقد قال له: "أجعل لك صلاتي كلها": "إذًا يغفر الله لك ذنبك كله" (¬٤). وفي
---------------
(¬١) صحيح البخاري (رقم: ٥٨٨٧)، صحيح مسلم (رقم: ٢١٥٦).
(¬٢) صحيح مسلم (رقم: ١٩٧١).
(¬٣) كذا في (ص، ق)، لكن في (س): في النظم و.
(¬٤) سنن الترمذي (رقم: ٢٤٥٧) بلفظ: (إِذًا تُكفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لك ذَنْبُكَ). قال الألباني: حسن. (صحيح الترمذي: ٢٤٥٧).

الصفحة 1942