كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 5)

الذي وقصته ناقته: "لا تمسوه طِيبًا ولا تخمروا رأسه؛ فإنه يُبعث يوم القيامة مُلبيًا" (¬١). أخرجاه.
الثانية: أن تدخل في كلام الشارع على الحكم، نحو: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا} [المائدة: ٣٨]، و {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} [النور: ٢].
وإلى هاتين الحالتين أشرتُ بقولي: (فَالْفَاءِ ثَبَتْ في كَلِمِ الشَّارعِ) أي: سواء دخلت على العلة أو الحكم. وما ذكرتُه مِن أنَّ تَقدُّم العلة ثم مجيء الحكم بـ "الفاء" أقوى مِن عكسه -هو ما قاله الإمام الرازي؛ لأن إشعار العلة بالمعلول أقوى من إشعار المعلول بالعلة؛ لأنَّ الطرد واجب في العِلل، دُون العكس.
ونازعه النقشواني، وقال: بل تقديم المعلول على العلة أقوى؛ لأن الحكم إذا تَقدَّم، طلبت النفسُ عِلته. فإذا ذُكِر وصفٌ، ركنَتْ إلى أنه هو العلة، بخلاف ما لو تقدمت العلة ثم جاء الحكم، فقد تكتفي النفسُ بأنَّ ما سبق عِلته، وقد تطلب له علة بطريق أخرى.
وأطال في ذلك، ولا يخفَى ضَعفُه وقوة ما قاله الإمام.
وهل ما دخلت عليه "الفاء" في نَص الكتاب أقوى مما في نَص السُّنَّة؟ أو متساويان؟
فبالأول قال الآمدي، وبالثاني قال الهندي وهو الحق؛ لاستوائهما في عدم تَطرُّق الخطأ إليهما.
الثالثة: أن تكون "الفاء" في كلام الراوي ولا تكون إلا داخلة على الحكم، والعلة ما قبلها، نحو: "سها - صلى الله عليه وسلم -، فسجد" (¬٢). وسواء كان الراوي فقيهًا أو لا. لكنه إذا كان فقيهًا، كان
---------------
(¬١) سبق تخريجه.
(¬٢) سنن أبي داود (رقم: ١٠٣٩)، سنن الترمذي (رقم: ٣٩٥)، سنن النسائي (١٢٣٦) وغيرها. قال الألباني في (إرواء الغليل: ٤٠٣): (فالإسناد صحيح، لولا أن لفظه "ثم تشهد" شاذة فيما يبدو).

الصفحة 1945