كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 5)

وجعل ابن الحاجب أيضًا من الصريح: "سها، فسجد"، و"زَنَا ماعز، فرجِم"؛ لاحتمال أن يكون المذكور جزءَ علة ولم يذكر الجزء الآخر. فهو وإنْ كان نَصًّا في الاعتبار به لكن ليس نَصَّا في الاستقلال كما في: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} [المائدة: ٦] الآية، فإنَّ التقدير فيها: إذا قمتم مُحْدِثين. فحذف بعض العلة الموجِبة للوضوء. وكذا في: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ}، السرقة جزء من الموجِب للقطع؛ لتوقفه على الحرز والنصاب؛ ولذلك اختُلف في أنَّ الآية مُجْمَلة كما سبق.
وبالجملة: فالمدار في الصراحة وعدمها على مَحَال وقوع ذلك فيها. ففي بعض المواضع يتعذر الحمل على غير التعليل؛ فيتعيَّن التعليل، فيكون صريحًا كما سبق في الشرط لفظًا أو معنًى. وفي موضع يحتمل؛ فيكون من الظاهر، لا من الصريح.
والناظر يَعْتَبِر ذلك، ويعمل بمقتضى الحال.

الرابع مِن صِيَغ الظاهر:
" إنَّ" المكسورة المشددة، نحو: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يوسف: ٥٣]، {إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ} [نوح: ٢٧]، "لبيك، إن الحمد والنعمة لك" (¬١)، "إنك إنْ تذر ورثتك أغنياء خير مِن أنْ تذرهم عالة" (¬٢)، "إنها من الطوافين عليكم أو الطوافات" (¬٣)، ونحو ذلك، وهو كثير.
وقد أنكر التبريزي على الإمام جَعْلها للتعليل، وسبقه ابن الأنباري إلى إنكار مجيئها
---------------
(¬١) صحيح البخاري (١٤٧٤)، صحيح مسلم (١١٨٤).
(¬٢) سبق تخريجه.
(¬٣) مسند أحمد (٢٢٦٣٣)، سنن الترمذي (٩٢)، سنن ابن ماجه (٣٦٧)، شرح معاني الآثار (١/ ١٨) وغيرها. وقال الألباني: صحيح. (صحيح الترمذي: ٩٢، صحيح ابن ماجه: ٢٩٩).

الصفحة 1947