كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 5)

لذلك. أي: فإن التعليل إنما هو مستفاد من وقوع الجملة استئنافية مُشْعِرة بسؤال مُقَدَّر كما في {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يوسف: ٥٣]، كأنه قيل: ما سبب أن لا تبرئ نفسك؟ فأجاب بذلك.
ولهذا يستفاد التعليل في مِثله مِن غير أن يكون في الكلام "إنَّ"، نحو:
قال لي كيف أنت؟ قلتُ: عليل ... سهر دائم وحزن طويل
كأنه سُئل: ما سبب عِلتك؟ فقال: سببها السهر وطول الحزن.
الخامس:
من صيغ الظاهر أيضًا: "إذْ"، فإنها تأتي للتعليل كما قاله ابن مالك. كقوله تعالى: {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ} [الكهف: ١٦]، {اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ} [المائدة: ٢٠]، {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ} [الأحقاف: ١١]، {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ} [الزخرف: ٣٩]، {قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا} [النساء: ٧٢]، {اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ} [الأحزاب: ٩].
وقول الشاعر:
فأصبحوا قد أَعادَ اللهُ نِعمتهم ... إذْ هُم قريش وإذْ ما مِثلهم بشَر
وذكر أن سيبويه أشار إلى ذلك، ونازعه أبو حيان.
وقولي: (وَمَا مَضى لِلسَّبَبِ) أي: ومما يُعد مِن أدوات التعليل في الظاهر ما سبق في باب معاني الكلم التي يُحتاج إليها مما ذكر مِن معانيه السببية، مثل: "على" في قوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: ١٨٥]، و"في" مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "دخلت امرأة

الصفحة 1948