كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 5)

وفيما [قالا] (¬١) نظر؛ لأن ما كان بـ "الفاء" ونحوه مِن حروف العلة يُعَد مِن قبيل النص كما ذكرناه، وإنما الذي مِن قبيل اللزوم ما سيأتي، ومع ذلك لا يخرج عن كونه مِن قبيل النص المقابل للاستنباط.
فـ "الإيماء": هو اقتران الوصف بحكم لو لم يكن هو أو نظيره للتعليل لكان ذلك الاقتران بعيدًا مِن فصاحة كلام الشارع وإتيانه بالألفاظ في مواضعها؛ لِتَنزُه كلامه عن الحشو الذي لا فائدة فيه.
وهو على خمسة أوجه:
أحدها:
أن يحكم عقب عِلمه بصفة المحكوم عليه وقد أَنْهَى إليه المحكوم عليه حالَه، كقول الأعرابي: "واقعتُ أهلي في نهار رمضان". فقال: "أعتِق رقبة" (¬٢). أخرجه الأئمة الستة، وهذا لفظ ابن ماجه. فكأنه قيل: كفِّر؛ لكونك واقعتَ في نهار رمضان. فكأنَّ الحرف الذي ترَتَّب به الحكم لفظًا موجود هنا، فيكون موجودًا تقديرًا. هذا هو الذي يغلب على الظن مِن ذلك، ولا التفات إلى احتمال أن يكون ابتداء كلام أو جواب سؤال أو زجرًا للسائل عن الكلام، كقول السيد لعبده إذا سأله عن شيء: اشتغل بشأنك.
أيضًا فكان يلزم خلو السؤال عن الجواب وتأخير البيان عن وقت الحاجة.
فإنْ حذف شيء من الأوصاف المرتَّب عليها الجواب لكونه لا مَدخل له في العِلية، نحو أن يقال: (في يوم كذا) أو: (للشخص الفلاني)، فيسمَّى إخراج ذلك مِن الاعتبار "تنقيح
---------------
(¬١) كذا في (ق، ص)، لكن في (س): قالاه.
(¬٢) سبق تخريجه.

الصفحة 1950