كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 5)

نحو: "لا تبيعوا البُر بالبُر إلا مِثلًا بِمِثل" (¬١). فالضمير في قولي: (وَلَوْ مُسْتَنْبَطًا) عائد لكل من الوصف والحكم.
نعم، في هذين خلاف، ففي قول: إنهما إيماء. وقول بالمنع. وفي ثالث اختاره الهندي: أن الأول -وهو التلفظ بالوصف- إيماء إلى تعليل الحكم المصرَّح به، لا العكس. بل ادَّعَى بعضهم الاتفاق على أن الثاني ليس بإيماء، ومال إليه الهندي وقال: الخلاف فيه بعيد نقلًا ومعنًى؛ لأنه يقتضي أن تكون العلة والإيماء متلازمين لا ينفك أحدهما عن الآخر.
وقولي: (أَوْ مَا رَأَوْا نَظِيرَهُ) المراد أن يرى القائس أن ذلك نظير الحكم المعلل بذلك الوصف كما سبق في قضاء الدَّين ونحوه.
وقولي: (عِلِّيَّةً) بالنصب مفعول الفعل في "لَوْ لَمْ يُفِدْ".
وقولي: (لَبَعُدَا) أي: لَبَعُدَ وقوع ذلك في لفظ الشارع الذي هو في غاية الفصاحة.
وقولي: (وَذَا كَتَفْرِيقٍ) هو تمثيل بأحد الأقسام الخمسة السابقة، وهو القسم الثالث كما مثلنا المذكورين فيه بأنَّ للفارس سهمين وللراجل سهمًا. والمذكور فيه أحد الحكمين أي مع ذكر وصف ويكون المحذوف مقابل الحكم مع علته وهو ضد الوصف.
نعم، هذه الأقسام من حققها يجد فيها بعض تداخل؛ لأنه يمكن رَدُّ بعض منها لبعض؛ فلذلك لم أتعرض لجميعها في النَّظم.
---------------
(¬١) مصنف ابن أبي شيبة (٢٢٤٨٤) والسنن الكبرى للبيهقي (١٠٢٦١) بلفظ: (لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الفضة بالفضة ولا البر بالبر ... إلا مثلا بمثل. .) الحديث. وبنحوه في: سنن النسائي (٤٥٦٠)، صحيح ابن حبان (٥٠١٥)، وغيرهما.

الصفحة 1956