كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 5)

الطعم ليس بِعِلة، بل هو صالح أن يكون دليلًا على ذلك ابتداءً من غير نظر إلى سبر وتقسيم.
وإنما عُمل بهذا لأنَّ الأغلب في الأحكام أن تكون مُعلَّلة بالمصالح تَفضلًا، فبطل أن يكون هذا الحكم لا عِلة له، والأوصاف المذكورة الأصلُ عَدَمُ غيرها.
وقولي: (وَكُلُّ هَذَا حُجَّةٌ لِلنَّاظِرِ والمناظِر) معناه: أن المجتهد يرجع إلى ظنه، فإذا حصل له الظن بذلك، عمل به، وكان مؤاخَذًا بما اقتضاه ظنه.
وأما المناظِر فيكفي قوله: (بحثتُ فلم أجد غير هذه الأوصاف، والأصل عدم ما سواها). فيقْبَل؛ لأنه ثقةٌ أهلٌ للنظر. فالحكم بنفي ما سوى ذلك مستنِد إلى ظن عَدَمِه، لا إلى عدم العلم بوصف آخَر.
فإنْ بَيَّن المعترِض وصفًا غير ذلك، لَزِمَ المستدِل إبطاله، ولا يَلْزم المعترض بيان صلاحيته للتعليل.
وإذا أخذ المستدِل في إبطال ما ذكره المعترِض، فهل يكون ذلك انتقالًا منه ينقطع به؟ أو لا ينقطع حتى يعجز عن إبطاله؟
الأصح الثاني؛ لأنه لم يدَّع القَطْع في الحصر، فغاية ما أبداه المعترِض مَنعْ لمقدمة مِن مقدمات المستدِل يُحتاج إلى إقامة الدليل عليها.
وقيل: ينقطع؛ لأنه كأنه ادَّعى الحصر وقد ظهر بطلانه.
وجواب ذلك: أنه لا يظهر بطلانه إلا إنْ عجز عن دَفْعِه.
قال ابن السبكي: وعندي أنه ينقطع إنْ كان ما اعترض به المعترِض مساويًا في العلة لما ذكره المستدِل في حصر الأوصاف وأَبْطلَه؛ لأنه ليس ذكر المذكور وإبطاله أَوْلى مِن ذلك المسكوت عنه المساوي له، وإنْ كان دُونه فلا انقطاع له؛ لأنَّ له أن يقول: هذا لم يكن عندي

الصفحة 1960