كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 5)

مخيلًا البتة، بخلاف ما ذكرتُه وأبطلته.
قلتُ: ما مِن وَصْف يأتي به المعترِض إلا والمستدِل ينازع في مساواته؛ ولهذا يَدْفَعه، فأين محل هذا التفصيل؟ !
واعلم أن الإشارة بقولي: (هَذَا) إلى القسم الثاني وهو الظني. وفي كونه حجة للناظر والمناظر ثلاثة مذاهب:
أحدها وهو الراجح: أنه حُجة لهما، لأنَّ المدار على غلبة الظن، وقد وجدت؛ فيكون حجة مطلقًا. واختاره القاضي أبو بكر، وقال: إنه [مِن] (¬١) أقوى ما تثبت به العِلل.
الثاني: ليس بحجة مطلقًا. حكاه في "البرهان" عن بعض الأصوليين.
والثالث: أنه حجة للناظر دُون المناظِر؛ لأنه يعمل بظن نفسه، وأما كون ظنه حُجة على غيره فلا.
واختار إمام الحرمين قولًا رابعًا: أنه حُجة بشرط قيام الإجماع على أن حكم الأصل معلَّل في الجملة؛ لأنه لو كان ما ذكر مِن الأوصاف لا عِلية لواحد منها والأصل عدم غيرها، لَعَادَ ذلك إلى تخطئة الإجماع في أنه مُعلَّل.
قيل له: فالقائسون بعض الأُمة.
فقال: منكر القياس لا يُعَد مِن علماء الأُمة الذين يؤثر خلافهم.
تنبيه:
يكفي في حصر الأوصاف اتفاق الخصمين بالنسبة إلى نفي ما عداها، وأما إذا اتفقا مثلًا على أن الحكم معلَّل وأن العلة فيه أحد المعنيين، واختار المستدِلُّ واحدة والمعترِضُ أخرى،
---------------
(¬١) من (ش، ض).

الصفحة 1961