كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 5)

ما نقلته في الشرح من التعاريف، بينتُ هنا ما أشير إليه في جميع ذلك من وجه الملائمة والمناسبة أنها لا تخلو عن ثلاثة أمور مرتبة في الملائمة: الضروري، ثم الحاجي، ثم التحسيني؛ لأنها إما في محل الضرورة أو في محل الحاجة أو لا في محلهما ولكن في محل الاستحسان في مطرد العادات.

فأما "الضروري": فهو الذي يكون في محل ضرورة العباد لا بُدَّ منه، وذلك خمسة أنواع، وهي المقاصد التي اتفق الملل في حفظها، وهي: الدِّين، فالنفْس، فالعقل، فالمال، فالنَّسَب.
فحِفظ الدِّين بقتال الكفار، قال تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [التوبة: ٢٩]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله" (¬١)، وقال: "مَن بَدَّل دِينه فاقتلوه" (¬٢).
وحِفظ النفس بمشروعية القصاص، قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة ١٧٩].
وحِفظ العقل بتحريم المسكرات ونحوها، قال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَا} [المائدة: ٩١] الآية.
وحِفظ المال بقطع السارق وتضمينه وتضمين الغاصب، قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] وقال تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: ١٨٨].
والنَّسب بوجوب حَد الزاني، قال تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} [النور: ٢] الآية.
وقد أشير إلى خمسة بقوله تعالى: {لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا
---------------
(¬١) سبق تخريجه.
(¬٢) سبق تخريجه.

الصفحة 1971